وحدثنا عبد بن حميد، قال أخبرنا محمد بن بكرٍ، قال أخبرنا ابن جرير، قال أخبرني عطاء أن ابن عباس قال: بعث بي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بسحر من جمعٍ في ثقل نبي الله -صلى الله عليه وسلم- قلتُ: أبلغك أن ابن عباس قال: بعث بي بليلٍ طويل؟ قال: لا، إلا كذلك بسحر، يعني من غير تحديد للساعة اللي بعد منتصف الليل، أو بعد مغيب القمر إنما بسحر.
قلت له: فقال ابن عباس: رمينا الجمرة قبل الفجر؟ يعني يسأله، يعني هل قال ابن عباس رمينا الجمرة قبل الفجر؟ وقال لك: أين صلى الفجر؟ قال: لا، ما ذكر لي متى رمى ولا أين صلى، إلا كذلك: يعني ما زاد على ما ذكرت لك.
وحدثني أبو الطاهر وحرملة بن يحيى -في المسند والسنن- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال لابن عباس لما قدمه لا ترموا الجمرة إلا بعد طلوع الشمس: وهذا الحديث صححه جمعٌ من أهل العلم، ولا يسلم من مقال، ولذا يقولون يستدل به بعضهم على أن الرمي لا يصح إلا بعد طلوع الشمس، والنبي -صلى الله عليه وسلم- ما رمى إلا كذلك، وقال: ((خذوا عني مناسككم)) ويحسن الإرفاق بمن يتعجل بمجرد عدم مزاحمة الناس في الطريق وفي الرمي، كونهم يصلون إلى المرمى قبل الناس يحسن لهم الإرفاق بهذا، ولو لم يرموا إلا بعد طلوع الشمس.
المقصود أن: المسألة خلافية بين أهل العلم، منهم من يقول: أن الفائدة من التعجل هو الرمي، والإفاضة قبل حطمة الناس وقبل زحمتهم، وهو قول جمعٍ غفير من أهل العلم وهو رأي الحنابلة والشافعية وجمع، ومنهم من يقول: لا يجوز الرمي إلا بعد طلوع الفجر؛ لأنه من أعمال يوم النحر، ويوم النحر إنما يبدأ من طلوع الفجر، ومنهم من يقول: لا يجوز الرمي إلا بعد طلوع الشمس استدلالاً بحديث ابن عباس، ولو كان حديث ابن عباس لا مغمز فيه ولا مطعن -تكلم فيه- لكان نصاً في المسألة، وعلى هذا الاحتياط أن لا يرمى إلا بعد طلوع الشمس، ولو من أهل الأعذار الذين يرخص لهم بالانصراف.