صحيح مسلم - كتاب الحج (16)
الجمع بين الصلاتين في المزدلفة – وتقديم الضعفة إلى منى – رمي جمرة العقبة راكباً
الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا يقول: من أين يحرم من مر على أكثر من ميقات، كمن جاء عن طريق صنعاء إلى جدة ثم إلى المدينة ثم إلى مكة؟
من جاء مريداً النسك يحرم من أول ميقاتٍ يمرُّ به في قول الجمهور، ولا يؤخره إلى الميقات الثاني، فإن أخره عندهم لزمه دم، والإمام مالك -رحمه الله تعالى- يقول: إن كان الميقات الثاني هو ميقاته الأصلي الذي حدد له بالنص يجوز له أن يؤخر إحرامه إلى ميقاته، فالشامي –مثلاً- إذا مرَّ بالمدينة على قول الجمهور لا يجوز له أن يتجاوز ذا الحليفة إلا محرماً، وعلى قول الإمام مالك يجوز له أن يتجاوز ذا الحليفة إلى الجحفة، وهي أقرب إلى مكة، وقل مثل هذا لو جاء النجدي -–مثلاً- عن طريق المدينة على قول الجمهور لا يؤخر الإحرام، بل عليه أن يحرم من ذي الحليفة، فإن أخر إحرامه إلى السيل –مثلاً- على رأي الجمهور يلزمه دم، وعلى رأي الإمام مالك لا شيء عليه.
وقول الإمام مالك محتمل؛ لأن الجملة الأولى في الحديث: ((هن لهن)) تؤيد قول الإمام مالك، والجملة الثانية تؤيد قول الجمهور ((ولمن أتى عليهن من غير أهلهن)).
شخص سافر بالطائرة –مثلاً- من الرياض إلى جدة، فمر بذي الحليفة -نفترض هذا- وهو في طريقه في الطائرة مر ذا الحليفة، أو جاء من الشام ونزل بجدة، أو من أي بلدٍ كان فنزل بجدة وهي ليست بميقات، ماذا نقول له؟ إذا كان من جهة المشرق ومر بذي الحليفة يلزمه أن يعود إلى ذي الحليفة، لكن إذا قال أرفق بي أن أحرم من الجحفة، أو من رابغ؛ لقربها أو من السيل؛ لقربه فإن كان ميقاته السيل كالنجدي –مثلاً- على رأي الإمام مالك ما فيه إشكال، وعند الجمهور يلزمه أن يرجع إلى الميقات الذي مر به، وعلى كل حال من أحرم من ميقات معتبر حدد في الشرع فالأمر فيه سعة إن شاء الله تعالى.