حدثنا يحيى بن يحيى وخلف بن هشام وأبو الربيع الزهراني وقتيبة يعني ابن سعيد جميعاً عن حمادٍ، قال يحيى: أخبرنا حماد بن زيدٍ عن عمرو بن دينار عن طاووس عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "وقّت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، "وقّت" يعني حدّد وعيّن وأوجب، رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأهل المدينة ذا الحليفة، ميقات أهل المدينة قريب جداً، ستة أميال من المدينة، وهو أبعد المواقيت إلى مكة، أربعمائة كيلو، يعني بالمراحل كم؟ عشر مراحل، وتسمى بأبيار علي، وهي مكان معروف، ولأهل الشام الجحفة، وتسمى أيضاً مهْيعة، قريبة من رابغ، وهي قرية خربت، دعا النبي -عليه الصلاة والسلام- أن تنقل إليها حمى المدينة؛ لأن سكانها في ذلك الوقت من اليهود، ولأهل نجدٍ قرن المنازل، قرن بإسكان الراء، ووهم الجوهري في صحاحه حيث قال: هو بتحريك الراء، ونسب إليها أويساً القرني، وهذا كله من أوهامه -رحمه الله-، فهي بإسكان الراء، وهي عن مكة مسافة مرحلتين، وهي أقرب المواقيت إلى مكة، ولأهل اليمن يلملم، ويقال لها: السعدية، وتبدل الياء بالهمزة فيقال: ألملم، قال: ((فهن لهن ومن أتى عليهن من غير أهلهلن)) هن أي هذه المواقيت، لهن أي لأهل هذه الجهات، ولمن أتى عليهن من غير أهلهن، يعني أن المدني يحتمل أن يأتي المدني من طريق الجحفة، وهو الطريق الآخر إذا جاء المدني أو جاء العراقي على طريق المدينة أو جاء النجدي عن طريق المدينة، ولمن أتى عليهن من غير أهلهن، الأصل أن ميقات النجدي قرن المنازل، ولولا قوله -عليه الصلاة والسلام- ولمن أتى عليهن من غير أهلهن، لكان التحديد لازم لمن اتصف بهذا الوصف، وهذه النسبة إلى هذه الجهة، وهذا من التيسير، أن لا يكلف الناس غير الطريق الذي يسلكه، فإذا أتى النجدي عن طريق المدينة يلزمه أن يحرم من ميقات أهل المدينة؛ لكن لو قال: "هن لهن" على ميقات قرن، ولا أحرم من ذي الحليفة، أتجاوز ذي الحليفة، أتجاوز ذا الحليفة وأحرم من قرن الذي وقّته النبي -عليه الصلاة والسلام- لنا، وهذا يفعله كثير من الناس الذين يأتون عن طريق المدينة، ولهم أعمال في جدة مثلاً، ويريدون أن يفرغوا من هذه الأعمال قبل الإحرام، فيقولون: نذهب إلى