فقدم النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه صبيحة رابعة مهلين بالحج، فأمرهم أن يجعلوها عمرة: إبطالاً لهذا الاعتقاد، والعمرة التي أمرهم بها في أشهر الحج، سواءً قلنا: إن العبرة بالحال، أو العبرة بالمآل هي في أشهر الحج، الإحرام بها في شهر القعدة وأداؤها في شهر ذي الحجة.
فتعاظم ذلك عندهم، فقالوا: يا رسول الله، أي الحل قال: ((الحل كله)): يعني الإنسان يتحلل من كل ما منع منه، فلا يمنع من شيء، حتى إتيان النساء الذي هو أعظم المحظورات.
ثم قال: حدثنا نصر بن علي الجهضمي، قال حدثنا أبي، قال حدثنا شعبة، عن أيوب، عن أبي العالية البَّراء: بالتشديد؛ لأنه كان يبري النبل والسهام، فهو برَّاء، صيغة مبالغة فعَّال.
أنه سمع ابن عباس -رضي الله عنهما- يقول: "أهل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالحج، فقدم لأربع مضين من ذي الحجة، فصلى الصبح وقال لما صلى الصبح: ((من شاء أن يجعلها عمرة فليجعلها عمرة)) ": هذا على سبيل التخيير، ثم بعد ذلكم أمرهم بها، فالأمر بالعمرة في هذه الأشهر -الأشهر الحرم- جاء على التدريج، أولاً بالتخيير ثم بالإلزام.
وحدثناه إبراهيم بن دينار، قال حدثنا روح ح وحدثنا أبو داود المباركي، قال حدثنا أبو شهاب ح وحدثنا محمد بن المثنى، قال حدثنا يحيى بن كثير، كلهم عن شعبة في هذا الإسناد، أما روح ويحيى بن كثير فقالا كما قال نصر: يعني الحديث السابق: "أهل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالحج، وأما أبو شهاب ففي روايته: "خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهل بالحج"، وفي حديثهم جميعاً: فصلى الصبح بالبطحاء، خلا الجهضمي فإنه لم يقله: يعني لم يرد هذا في روايته السابقة، الجهضمي هو نصر بن علي.
وحدثنا هارون بن عبد الله، قال حدثنا محمد بن الفضل السدوسي، قال حدثنا وهيب قال أخبرنا أيوب عن أبي العالية البراء عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه لأربع خلون من العشر: يعني من عشر ذي الحجة، وهم يلبون بالحج فأمرهم أن يجعلوها عمرة.