مستمر على أحرامه حتى يبلغ الهدي محله، وكان استدلاله بأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أحرم حينما انبعثت به راحلته، وعرفنا في ذلك الوقت وجه الدلالة من قوله، لكون المتمتع أو المكي يهل بالحج يوم التروية، وهنا فيه دلالة صريحة، ثم أهللنا: يعني مع النبي -عليه الصلاة والسلام- يوم التروية، وإن كان الأكثر -على ما تقدم- يرون أن الإهلال في أول الشهر، وفي هذا دليل لمن يقول بإن المستحب أن يهل الحاج يوم التروية، الحاج المقيم بمكة أو الوارد عليها ممن تحلل بعمرة يهل يوم التروية، وهذا دلالته صريحة.
يقول: ثم أهللنا يوم التروية: والنبي -عليه الصلاة والسلام- باق على إحرامه، لكنه أقرهم على ذلك، هذه من السنن التقريرية.
ثم دخل النبي -عليه الصلاة والسلام- على عائشة فوجدها تبكي: يقول: حتى إذا كنا بسرف عركت، معروف أنها حاضت بسرف، كما دلت على ذلك جميع الروايات السابقة، وهنا يقول: ثم أهللنا يوم التروية ثم دخل رسول -صلى الله عليه وسلم -: هذا ترتيب.
فوجدها تبكي فقال: ((ما شأنك؟ )) قالت: شأني أني قد حضت، وقد حلَّ الناس ولم أحلل: يعني حضت الآن أو حضت بسرف؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم حيضتها السابقة، وما زالت حيضتها مستمرة؛ لأنها حاضت يوم السبت وطهرت يوم السبت، طهرت يوم السبت -يوم العيد- وحاضت يوم السبت -الثالث من الحجة- قبل دخولهم مكة بسرف.
قال: ((ما شأنك؟ ))، قالت: شأني أني قد حضت: يعني فيما مضى، وقد حل الناس ولم أحلل، ولم أطف بالبيت، والناس يذهبون إلى الحج الآن: يعني ما في فرصة أني أنتظر حتى أطهر ثم احلَّ من العمرة فأفعل ما فعل صواحبي.
والناس يذهبون إلى الحج الآن، فقال: ((إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم)): قاله النبي -عليه الصلاة والسلام- يسليها، ((فاغتسلي ثم أهلي بالحج))، ففعلت: فأحرمت بالحج مدخلة إياه على العمرة، وبهذا صارت قارنة، ففعلت ووقفت المواقف كلها: وقفت بعرفة وبجمع، ونزلت إلى منى، وقفت المواقف كلها وفعلت ما يفعله الحاج سوى الطواف.
لكن ماذا فعلت مما يفعله الحاج سوى الطواف قبل طهرها مما وجهت إليه؟ فعلت شيء مما يفعله الحاج؟ نعم؟