وشيخ الإسلام يرى أن التلبية إنما تكون في التنقل أما إذا قَرَّ في المكان لا يلبي، فيرى أن التلبية تكون إذا شخصت من منى إلى عرفات فإذا قرَّت بعرفات لا تلبي.

فإن قيل فقد أخرجه مسلم (?) والنسائي (?) من طريق أبي الأحوص عن حصين عن كثير بن مدرك عن عبد الرحمن بن يزيد قال: قال عبد الله ونحن بجمع: سمعت الذي أُنزلت عليه سورة البقرة يقول في المقام «لبيك اللهم لبيك» ومثله من طريق زياد البكائي عن حصين، فهذا ظاهره التلبية وهو قار بمزدلفة.

لكن أخرجه مسلم عن طريق هشيم عن أبي الأحوص به، ولفظه أن عبد الله لبّى حين أفاض من جمع فقيل: أعرابي هذا؟ فقال: عبد الله أنسى الناس أم ضلوا؟ سمعت الذي أُنزلت عليه سورة البقرة يقول: في هذا المكان: «لبيك اللهم لبيك» (?) ورواه أيضًا من حديث سفيان عن حصين ولم يسق لفظه وهذا اللفظ مقيد لما أطلق قبله فصح ما قال شيخ الإسلام.

لكن أخرج النسائي (?) من طريق علي بن صالح - وهو أخو الحسن بن صالح بن حي - عن ميسرة بن حبيب عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير قال: كنت مع ابن عباس بعرفات فقال: مالي لا أسمع الناس يلبون؟ قلت: يخافون من معاوية. فخرج من فسطاطه فقال: لبيك اللهم لبيك فإنهم قد تركوا السنة من بغض علي. وإسناده لا بأس به.

وعلق عليه شيخنا ابن باز - رحمه الله - في شرح النسائي: معاوية لم يكن يمنع ذلك ولعل بعض الناس ممن لا بصيرة عنده ترك التلبية في ذلك المحل حول ابن عباس. اهـ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015