أما إذا كان في غير هذه الصورة فالأحوط ألا يفعل الإنسان إذا لم يكن قد حج الإنسان عن نفسه، بل إذا كان قادرًا نقول يجب عليه أن يحج عن نفسه ولا تقبل النيابة عن غيرك لا مجانًا وبلا مال.
ولهذا الحديث مسائل ملحقة به مثل: (من حج نفلًا ولم يحج الفرض لكنه حج يريد النفل، أو نذر الحج ولم يكن قد حج الفرض)، في هذه شبه اتفاق بين أهل العلم أن هذه الحجة تقع عن الفرض، وهذا قد أفتى به ابن عمر كما عند البيهقي وغيره بسند صحيح، أن رجلًا نذر أن يحج ولم يحج حجة الإسلام فقال: اجعل هذه عن نفسك ثم حج عن النذر (?).
وكذلك إذا حج إنسان بنية النفل ولم يحج الفرض فإن هذه الحجة تقع عن الفرض، أما إذا حج الإنسان عن غيره ولم يكن حج عن نفسه فعندنا هذا الحديث، وشيخنا ابن باز - رحمه الله - يصحح هذا الحديث ويقول هذا الحج ينقلب عن النفس، وانقلاب الحج سواءً عن الغير أو كونه يخالف كثير من الأحكام هذا يخص الحج، ولهذا نقول: من حج عن غيره ولم يحج عن نفسه فالأحوط أن المستنيب لا يعتد بهذه الحجة؛ لأنه قول الجمهور أنها تكون عن النائب إذا لم يكن حج عن نفسه، ويلزمه إعادة مال المستنيب إن كان أخذ مالًا.
وفي الحديث من الفوائد:
1 - الجهر بالتلبية، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمعه وهذه سُنَّة ويأتي حديث يخصه.
2 - وفيه تسمية الإنسان من يحج عنه فيقول: (لبيك عن فلان) والظاهر أنه لا يكررها بل يكتفي بها عند الميقات وسيأتي مواضع التلبية.
وعلى القول بصحة الحديث أنه لا يجوز أن يحج الإنسان عن غيره ولم يكن حج غير نفسه.
3 - وفيه أن الحج يمتاز عن غيره بجواز قلب النية.