فإذا اجتمعت هذه الأشياء في الحج يرجى للإنسان أن يكون حجه مبرورًا).
هل الحج يكفر السيئات الصغائر فقط دون الكبائر؟
اشتهر عند أكثر أهل العلم أن الحج يكفر الصغائر فقط، وذهب بعضهم أن الحج يكفر حتى الكبائر، واحتجوا بما أخرجه البخاري في صحيحه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه» (?).
ولا شك أن الإنسان تلده أمه ليس عليه من الذنوب لا صغائر ولا كبائر.
واحتجوا أيضًا بما رواه مسلم من طريق عبد الرحمن بن شماسة المهري قال: حضرنا عمرو بن العاص في الوفاة فَحوَّل وجهه تجاه الجدار، فأخذ يبكي ثم قال: إني كنت على أطباق ثلاثة، ثم ذكر أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - يريد أن يبايعه فقال: يا رسول الله أبسط يدك لأبايعك! فبسط النبي - صلى الله عليه وسلم - يده فقبض عمرو يده فقال - صلى الله عليه وسلم -: «مالك يا عمرو؟» قال: أردت أن أشترط! قال: «تشترط بماذا؟» قال: اشترط أن يغفر الله لي. فقال: «أما علمت يا عمرو أن الإسلام يهدم ما كان قبله وأن الحج يهدم ما كان قبله وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها» (?).
وليس في هذا الحديث أن التوبة تهدم ما قبلها بل لا يصح بهذا اللفظ حديث (?).
والشاهد أن الحج يهدم ما كان قبله ولا شك أن الصغائر تمحوها الصلاة والوضوء وما أشبه ذلك، فلا يُعَبَّر بشيء أنه يُهْدَم إلا بشيء قائم وهو الذنوب الكبار، والاستدلال بهذا ظاهر على أن الحج يكفر الذنوب الكبار.
وهذا مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية في الجملة، فشيخ الإسلام يرى أن من الأعمال الصالحة ما يكفر حتى الكبائر.