حكم ارتكاب الصبي محظوراً من محظورات الإحرام

إذا ارتكب الصبي محظوراً من محظورات الإحرام فالمحظور على الكبير محظور على الصغير، ولكنه مرفوع عن الصغير قلم الإثم، وهنا الخطاب مع الصغير، وخطاب التكليف ليس موجوداً مع الصغير حتى نقول له: عليك الإثم في كذا، ولكن خطاب الوضع موجود، بحيث إنه لو أتلف شيئاً فعليه في هذا الإتلاف ما يكون من جزاء، فلو أن الصبي قتل صيداً في إحرامه أو في الحرم فجزاء الصيد موجود، وهنا خطاب الوضع أنه مكلف بذلك: إذا فعل كذا يلزم فيه كذا.

وإن كان الإثم مرفوعاً عن الكبير -فإن محظورات الإحرام فيها ما يختلف عمده وسهوه كاللباس والطيب- فالصغير من باب أولى، فإذا لبس الكبير القميص أو العمامة أو البرنس وهو ناسٍ فلا شيء عليه، والصبي الصغير كذلك لا شيء عليه في ذلك.

وإذا تعمد الكبير فعليه دم، وإذا تعمد الصغير فقد قدمنا في الكلام عن العمرة أن العلماء اختلفوا في ذلك، فذهب الإمام الشافعي إلى أنه يلزمه الدم في ذلك، على خلاف بين الشافعية في ذلك.

وذهب الإمام أحمد والأحناف إلى أنه لا يلزم الصبي شيء، والأحوط في ذلك: أنه إذا كان الصبي مميزاً يعقل ذلك ويفهم وفعل شيئاً من هذه المحظورات فعليه دم، هذا الأحوط وليس الواجب.

ونقول: الأحوط؛ لأن الصبي لو صلى صلاة الظهر مثلاً بغير وضوء لأمرناه أن يعيد الصلاة، لأن هذه عبادة من العبادات، وهو صلاها بغير شروطها، أو فعل فيها ما يبطلها فأمرناه بالإعادة، والحج عبادة أيضاً، فإذا فعل فيها شيئاً ينقصها فيلزم في ذلك الدم على الأحوط في ذلك.

إذاً: ما يختلف عمده وسهوه في اللباس والطيب قيل: لا فدية فيه على الصبي؛ لأن عمده خطأ، وقيل: عليه الفدية هو الأحوط.

وما لا يختلف عمده وسهوه كالصيد وحلق الشعر وتقليم الأظفار فعليه فيه الفدية، وهذا هو ما فيه استهلاك الشيء وإتلافه، لأنه صاد صيداً فأهلك هذا الصيد، أما حلق الشعر فعليه فيه الفدية على الاحتياط في ذلك، لكن جزاء الصيد عليه جزاء اتفاقاً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015