ينبغي للمرء أن يحرص أن تكون نفقته حلالاً إذا خرج لحج أو لعمرة أو لسفر في غزوة وغيرها، فلا ينفق من حرام، والإنسان الذي ينفق من حرام جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه عندما يرفع يديه إلى الله بالدعاء لا يستجاب له، فيقول: (يا رب! يا رب! ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له؟) أي: كيف يستجاب له على ذلك؟ فالذاهب للحج أو للعمرة ذاهب ليغفر الله عز وجل له ذنوبه، ذاهب ليقول: لبيك اللهم لبيك، فهو ينتظر المغفرة، فإذا كان طعامه، وشرابه، وماله ويقول: يا رب! يا رب! فكيف يستجاب له؟! إذاً: ينبغي له أن ينقي ماله من الحرام وأن يخرجه من ماله فيتصدق به إذا لم يعرف صاحبه، أما إذا كان له صاحب فيعيد المال إلى صاحبه، ويحج بنفقة حلال.
كذلك لو أنه حج أو اعتمر أو غزى بمال حرام، من مهنة محرمة، أو بمال كان مغصوباً عنده، فيجب عليه أن يعيد هذا المال إلى صاحبه، لكن هل حجه يكون صحيح أو ليس صحيحاً إذا حج بمال حرام؟ هناك فرق بين أن يكون العمل صحيحاً، وبين أن يكون مقبولاً، فهو صحيح بمعنى أنه سقط عنه الفرض، ولا يلزم بإعادته مرة ثانية، هذا هو الصحيح، لكن المقبول بمعنى أنه يعذب وقد لا يقبل الله سبحانه وتعالى العمل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فأنى يستجاب له؟) إذاً: فهذا الإنسان ليس عليه أن يحج مرة ثانية، لكن لا نقول: إن حجه مقبول عند الله عز وجل؛ لأنه لم يذكر لنا النبي صلى الله عليه وسلم أن مثل هذا الإنسان يقبل عمله، بل قال: (فأنى يستجاب له؟).
أما الحديث الذي جاء عنه صلى الله عليه وسلم وفيه: (من حج بمال حرام فقال: لبيك اللهم لبيك، قال الله عز وجل: لا لبيك ولا سعديك، وحجك مردود عليك) فهذا حديث ضعيف، لكن قد يحبس دعاؤه للحديث الآخر الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه: (فأنى يستجاب له؟)، والحج كله دعاء، فهو يقول: ليبك ويدعو ربه سبحانه، ويقف عند الصفا وعند المروة ويدعو الله، ويطوف بالبيت ويدعو الله، ويقف في عرفات ويدعو الله، والمناسك كلها توحيد وذكر لله سبحانه ودعاء.