واختلف العلماء في شرطين وهما: أمان الطريق، وإمكان المسير، فلو افترضنا أن الإنسان الذي يجب عليه الحج توافرت فيه الشروط، أي: هو مسلم، بالغ، حر، مستطيع، عاقل، وقلنا له: يجب عليك الحج، ولكن الطريق غير مأمونة حتى يصل إلى الحج، فهناك عدو في الطريق يمنعه من الوصول إلى هذا المكان، أو أنه يقدر، ولكن ليس هناك وسيلة يصل بها إلى الحج، فلم تتوافر مواصلات توصله، وسيفوته الحج في هذا العام.
إذاً: الشرطان هما: الأمان في الطريق، وإمكان المسير، فقد يكون هذا الإنسان في يوم ثمانية ذي الحجة معه مال كثير، لكن ليس هناك طائرة تنقله إلى هناك، ولا يقدر أن يصل إلى هناك.
إذاً: المال موجود، والمال ليس وحده هو الذي يوصله، إذْ لا بد من الوسيلة حتى يصل.
فأمان الطريق وإمكان المسير هل يقال: إنهما من شروط الاستطاعة، أو من شروط لزوم أداء الحج؟ اختلف فيهما العلماء: هل هما من شروط وجوب الحج، أي: أنه إذا وجدت هذه الشروط وجب عليه الحج، وإن لم تكن موجودة فلا يجب عليه، أم أنها من شروط لزوم السعي، ولزوم السعي يعني: أنه ليس قادراً على أن يحج هذه السنة، وإنما في السنة اللاحقة؟ فجمهور العلماء على أن هذه الشروط السبعة كلها شروط وجوب للحج، فحتى يجب عليه الحج لا بد من وجود هذه الشروط السبعة.
وفي قول للإمام أحمد رحمه الله وهو الراجح في المذهب: أن الشرطين من شروط لزوم السعي، أي: أمان الطريق، وإمكان المسير شرطان من شروط لزوم السعي.
إذاً: الخلاف هنا: هل هما من شروط الوجوب أم هما شرطان من شروط لزوم السعي؟ فإذا قلنا: إنهما من شروط وجوب الحج لم يجب عليه الحج؛ لأنه غير مستطيع، وإذا قلنا: إنّهما شرطان للزوم السعي فلا يلزمه أن يسعى هذه السنة، ويسعى في السنة القادمة، وهذا القول أحوط، وإن كان الراجح من حيث الدليل: أن هذا ليس مستطيعاً؛ لأن معه المال، ولكن ليس عنده وسيلة توصله؛ ولذلك سيفوت عليه موسم الحج فهو ليس قادراً، وهذا الراجح من حيث الدليل، وهو قول الجمهور أنه غير مستطيع.
فعلى ذلك الراجح: أن هذه الشروط السبعة شروط وجوب؛ لأن الله عز وجل إنما فرض الحج على من استطاع إليه سبيلاً، وهذا لم يستطع السبيل إليه.
لكن إذا توفي وكان معه من المال ما يمكن أهله أن يحجوا عنه فيلزمهم أن يقضوا دين الله سبحانه وتعالى، وأن يحجوا عن هذا الذي وجب عليه الحج ولم يفعل لسبب من الأسباب، أو لعذر من الأعذار.