إذا جاوز الميقات وعاد قبل أن يحرم ورجع فاتفاقاً لا شيء فيه، لكن موضع الخلاف فيمن عاد إلى الميقات بعد أن جاوزه وأحرم، فهذا نقول له: لقد جاوزت الميقات وأنت تنوي الحج أو العمرة فلا بد أن يرجع إلى الميقات، إلا إذا كان له عذر من الأعذار، فلو رجع إلى الميقات ولبى من الميقات وعمل أعمال حجه وعمرته فهل عليه شيء؟ هنا خلاف الذي بين أهل العلم: فذهب الإمام الثوري وأبو يوسف ومحمد بن الحسن الشيباني والشافعي وأبو ثور إلى أنه لا شيء عليه، وذهب الإمام مالك وابن المبارك وزفر والإمام أحمد إلى أنه عليه دماً.
فعند الإمام أحمد والإمام مالك أنه سواء رجع للميقات أم لم يرجع عليه دم في الحالتين، أما عند الشافعي وعند محمد بن الحسن فإنه إذا رجع إلى الميقات وعند أبي حنيفة بشرط التلبية عند الميقات فلا شيء عليه، وإذا لم يرجع إلى الميقات فعليه دم.
والراجح في هذه المسألة: أنه لو رجع إلى الميقات وأحرم فلا شيء عليه، لكن لو لم يرجع إلى الميقات وذهب إلى مكة فيلزمه دم؛ لتجاوزه مكان الإحرام وهو غير محرم، ولا فرق في لزوم الدم في كل هذا بين المجاوز للميقات عامداً عالماً أو جاهلاً أو ناسياً، ولكن يفترقون في الإثم، فالناسي نقول له: أمامك خيار من اثنين: إما أن ترجع إلى الميقات وتحرم من هناك، وإما أن تكمل سيرك ويلزمك الدم.
والله أعلم.
وللحديث بقية إن شاء الله.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.