فإذا غربت الشمس في يوم عرفه يبدأ الحجيج بالنفر من عرفة، ويتوجهون إلى المزدلفة.
والوقوف بعرفه في هذا اليوم ركن من أركان الحج, بل هو أعظم أركان الحج, وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الحج عرفه).
فإذا توجهوا إلى المزدلفة للمبيت فيها، وإن كان الراجح أنه ليس ركناً من أركان الحج ولكنه واجب من الواجبات, والمبيت لابد أن يتجاوز نصف الليل, فيبيت إلى ما بعد نصف الليل, وبعد نصف الليل بساعة أو بساعتين له أن ينصرف من المزدلفة بحسب الزحام إلى منى, والأفضل له أن يبيت في مزدلفة حتى الفجر.
والمبيت بالمزدلفة واجب إلا لأهل الأعذار, فإذا خرجوا من عرفه ولم يصلوا إلى المزدلفة حتى طلع عليهم الفجر في ذلك, كإنسان ضل الطريق أو تعطلت سيارته فلم يصل إلى المزدلفة, فمثل هؤلاء لا يجب عليهم ذلك, بل يسقط بهذا العذر الذي هم فيه.
والذي يصل إلى المزدلفة بعد نصف الليل يستحب له أن يمكث فيها إلى الفجر, لكن لو مكث فيها ساعة ثم انصرف منها بعد نصف الليل جاز له ذلك، وإن كان الأفضل أن يمكث هنالك, لكن الضعفاء والعجزة والمرضى لهم أن ينفروا بعد نصف الليل من المزدلفة إلى منى, والذي يبيت في مزدلفة يبيت فيها حتى يطلع الفجر، فيصلي الفجر في أول وقته, ثم يقف هنالك عند المشعر الحرام يدعو الله سبحانه وتعالى دعاء طويلاً إلى وقت الإسفار قبل طلوع الشمس, ثم قبل طلوع الشمس ينتقل الحجاج من هذا المكان ويفيضون إلى منى، وسواء الذين وصلوا إلى منى في النصف الثاني من الليل، أو الذين وصلوا الصباح فأول ما يصلون إلى منى فلهم أن يرموا الجمرات, ولكن سنة النبي صلى الله عليه وسلم ألا يرمي الجمرات إلا في وقت الضحى, ولكن يحكمنا الآن الزحام الشديد الموجود هناك، فبحسب ما يتيسر للإنسان من الوصول إلى منى فيرمي الجمرات, والأفضل أن يكون ذلك بعد طلوع الشمس.