والعمرة لها أركان ثلاثة: الإحرام: وهو عقد النية على أنه صار محرماً, ثم الطواف بالبيت, ثم السعي بين الصفا والمروة, فهذه هي أركانها.
فإذا وصل عند الميقات لبس ملابس الإحرام, ويجوز أن يلبسها قبل الميقات، ولكنه عند الميقات يقول: لبيك عمرة, ثم بعد أن يصل إلى البيت يطوف به، وهذا ركن من أركان العمرة, ثم يتوجه إلى الصفا، ويسعى بين الصفا والمروة.
وإذا طاف بالبيت فيستحب أن يرمل في أول ثلاثة أشواط، فهذه سنة النبي صلى الله عليه وسلم, وليست فرضاً, والرمل: هو الإسراع في المشي كهيئة الذي يجري, وفي الأربعة الباقية يمشي مشياً حول البيت, يبدأ من الحجر الأسود، والمستحب أن يضع يديه على الحجر الأسود, فيسمي الله سبحانه وتعالى ويكبر, ثم يقبل الحجر الأسود إن استطاع ويسجد عليه, ويطوف بالبيت ذاكراً لله سبحانه وتعالى, وبين الركنين: اليماني والحجر الأسود يستحب أن يدعو بهذا الدعاء: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة:201] , وفي كل طواف من السبعة يستحب أن يستلم الحجر الأسود إن استطاع ويقبله, وإن لم يستطع فيلمس بيده, إن لم يقدر على ذلك الاستلام وتقبيل اليد فبالإشارة إلى الحجر الأسود, فإذا أشار إليه يبدأ الطواف, فإذا أنهى الطواف بالبيت فعليه أن يصلي ركعتين خلف مقام إبراهيم, يقرأ في الأولى: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون:1]، أو {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:1] , وفي الثانية: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون:1] أو {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:1] , ففي واحدة منهما يقرأ قل هو الله أحد، وفي الأخرى بقل يا أيها الكافرون.
ثم يتوجه إلى الصفا ويبدأ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (نبدأ بما بدأ الله به) فيتوجه إلى الصفا فيرقى فوقه، ويستقبل الكعبة ويدعو ربه سبحانه وتعالى دعاء طويلاً, فيوحد الله سبحانه ويكبره ويسبحه ويحمده ويقول: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له, له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير, لا إله إلا الله وحده, أنجز وعده, ونصر عبده, وهزم الأحزاب وحده) , ثم يدعو بما شاء, ثم يدعو مرة ثانية: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له, له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير, لا إله إلا الله وحده, أنجز وعده, ونصر عبده, وهزم الأحزاب وحده) , ثم يدعو, ثم يدعو ثالثاً: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له, له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير, لا إله إلا الله وحده, أنجز وعده, ونصر عبده, وهزم الأحزاب وحده) , فتلك سنة النبي صلى الله عليه وسلم, وإن لم يفعل واكتفى بالدعاء أو بالتهليل والتحميد، أو لم يفعل شيئاً، فقد أتى بالفرض الذي عليه.
ثم ينزل من الصفا متوجهاً إلى المروة وهو ماش، ويسن الإسراع بين الميلين الأخضرين للرجال فقط، ويمشي في الباقي مشياً حتى يصل إلى المروة فيصعد عليها ويدعو ربه سبحانه، والإسراع بين الميلين والرمل في الطواف إنما هو للرجال فقط، وكذلك الاضطباع في الطواف للرجل فقط، والاضطباع: هو أن يكشف المنكب الأيمن، ولا اضطباع بين الصفا والمروة بل في الطواف فقط، وينتهي عند بداية صلاة ركعتين خلف المقام؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يصلين أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء)، فيكون قد ستر عاتقيه، وأخذ زينة الصلاة وصلى.
قلنا: إنه إذا كان عند المروة فإنه يستقبل البيت ويحمد الله ويكبره ويوحده، ويدعو بالذكر الذي قاله عند الصفا ويكرره ثلاثاً, وينزل إلى المروة ويفعل كما صنع في المجيء, فبين الميلين يسن للرجال الإسراع, وإذا وصل إلى الصفا قام عليه مستقبل البيت، وكما فعل في الشوط الأول يفعل في البقية، حتى يصل الشوط السابع عند المروة, فيكون قد أحرم ثم طاف بالبيت ثم سعى بين الصفا والمروة, وانتهت بذلك أعمال العمرة, فليتحلل بأن يقصر شعره، وإن كان الوقت طويلاً بينه وبين الحج فله أن يحلق شعره, أما إن كان الوقت قصيراً فعليه أن يقصر شعره، ويترك الحلق للحج.
وبعد تحلله من العمرة أصبح حلالاً، فيجوز له أن يقص أظفاره، وأن يأخذ من شاربه, وأن يستعمل الطيب ويلبس الثياب إلى أن يأتي يوم التروية، وهو اليوم الثامن من شهر ذي الحجة.