العاجز عن الرمي بنفسه لمرض أو حبس ونحوهما يستنيب من يرمي عنه، إذاً: يجوز للإنسان المريض أو المرأة التي لا تقدر مع شدة الزحام، أو للعجوز، أو الشيخ الكبير أن يوكل أو يستنيب من يرمي عنه؛ لأن وقت الرمي وقت مضيق، وقد تنتهي أيام العيد من غير أن يرمي، ويكون عليه دم في ذلك، وسواء كان المرض مرجو الزوال أو غير مرجو الزوال، وسواء استناب بأجرة أو بغيرها، وسواء استناب رجلاً أو امرأة كل هذا جائز، وأحياناً مجموعة من النساء توكل إنساناً للرمي عنها؛ لأنها لا تقدر أن تذهب إلى الجمرات فترميها، فيجوز أن يرمي عن نفسه وعن هذه وعن غيرها.
ولو أغمي على المحرم قبل الرمي ولم يكن أذن في الرمي عنه لم يصح؛ لأن الاستنابة إقامة الغير مقام نفسك، وأنت الآن لم تستنب إنساناً ولم توكل أحداً، فلا يصح أن يتوكل لك من غير أن توكله، فلو أن إنساناً مغمى عليه، فلا يأتي آخر ويقول: سأرمي عن فلان، فهو لم يوكلك أصلاً في ذلك.
إذاً: الاستنابة تكون عن الإنسان المفيق وليس عن المغمى عليه، لكن إذا كان قد أذن له وكان مريضاً وقال: يا فلان! ارم عني في هذه الأيام فلا أقدر أن أرمي، ثم أغمي عليه في خلال هذه الأيام، فلا شيء عليه، فالآخر يرمي عنه وفي هذه الحالة لا يحتاج إلى إذن جديد.
وينبغي أن يستنيب العاجز حلالاً أو من قد رمى عن نفسه، فإن استناب من لم يرم عن نفسه فينبغي أن يرمي النائب عن نفسه: مثل النيابة في الحج، فالذي يحج عن غيره لابد أن يكون قد حج عن نفسه، وكذلك الذي سيرمي عن الغير لابد أن يكون قد رمى عن نفسه، فإذا استنابك إنسان في الرمي فترمي عن نفسك أولاً، ثم ترمي عن هذا الإنسان.
أيضاً لو أن الذي يرمي عن نفسه وعن غيره بدأ بالجمرة الأولى، ثم الثانية ثم الثالثة عن نفسه، ثم رجع فرمى عن الآخر فقد خرج من الخلاف الذي في المسألة.
والراجح: أنه يجوز أن يرمي عن نفسه ثم عن غيره، فعند الجمرة الأولى يرمي عن نفسه بنية أنها لنفسه، ثم يرمي بنية أنها لفلان، وهذا قول الأحناف، وقول في مذهب الشافعية، وهو الذي نختاره في مثل هذا الزحام الموجود الآن، ويصعب جداً أن نأمر إنساناً بقول الجمهور: ارم الثلاث ثم ارجع للأولى وارمها حتى الثالثة، فالراجح: أنه لا يوجد دليل يمنع من أن يرمي عن نفسه ثم يرمي عن غيره وهو في مكانه ذلك، فيرمي عن نفسه الجمرة الأولى، ثم يرميها عن غيره، ثم يتقدم إلى الثانية ويرميها عن نفسه، ثم يرميها عن غيره، والثالثة كذلك.