ولا تجزئ الجرباء، فلو أن الشاة فيها جرب أو الناقة أو العجل أو البقرة، فلا تجزئ في الأضاحي؛ لأن العادة أن الجرب إن كثر فيها أفسد لحمها، لكن إن كان شيئاً يسيراً فلا شيء فيه؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (البين عورها البين مرضها)، وهكذا.
ولا تجزئ مقطوعة بعض اللسان؛ لأن الغالب أنها لا تستطيع الأكل إلا به.
ويجزئ الموجوء والخصي، أي: إذا كان الخروف أو العجل أو الجمل خصياً أو موجوءاً فالراجح: أنه يجزئ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يضحي اشترى كبشين عظيمين سمينين أقرنين أملحين موجوءين، فليس هو صلى الله عليه وسلم الذي فعل بهما ذلك، بل قد جاء عنه أنه نهى عن ذلك، وإنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون، وهو عليه الصلاة والسلام اشتراه على هذه الهيئة، فدل ذلك على أن هذا ليس عيباً يمنع شراء الأضحية التي فيها ذلك.
فذبح أحدهما عليه الصلاة والسلام عن أمته، لمن شهد لله بالتوحيد وشهد له بالبلاغ عليه الصلاة والسلام، وذبح الآخر عنه وعن آله صلى الله عليه وسلم، وهذا الحديث من الأدلة على عدم وجوب الأضحية، فكأن النبي صلى الله عليه وسلم لرحمته وحنانه رفع عن الأمة جميعها الحرج، فضحى بكبشين وقال: (هذا عن محمد وآله عليه الصلاة والسلام)، فدل على أن الخروف يجزئ عن الرجل وعن أهل بيته، ثم إنه عليه الصلاة والسلام ذبح كبشاً آخر وقال: (هذا عمن لم يضح من أمتي).
إذاً: فالأمة فيها من يضحي وفيها من لم يضح، سواء بعذر أو بغير عذر؛ ولذا قال: (هذا عمن لم يضح من أمتي).