الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.
ذكرنا مناسك الحج، وكيف أنه يبدأ الحاج بأول ركن من الأركان وهو الإحرام، والحج له أربعة أركان: الإحرام، والطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة، والوقوف بعرفة.
والحاج إما أن يكون مفرداً بالحج، وإما أن يكون قارناً بين الحج والعمرة، وإما أن يكون متمتعاً بالعمرة إلى الحج.
فإذا كان مفرداً وبدأ بالإحرام فيظل على إحرامه حتى ينتهي من الطواف بالبيت، ويتحلل التحلل الأكبر بعد أن يرمي الجمرات ويطوف بالبيت.
وإذا كان متمتعاً بالعمرة إلى الحج بدأ بمناسك العمرة حتى ينتهي منها فيصير حلالاً بعد ذلك، ويبدأ في إحرامه بالحج بعد ذلك في يوم التروية على تفصيل ذكرناه لمن يجد الهدي ومن لم يجد الهدي.
والقارن شأنه شأن المفرد، فيحرم بالعمرة مع الحج، ويظل محرماً، فإذا أتى البيت وطاف فيكون طواف القدوم، وإذا سعى بين الصفا والمروة يكون السعي للعمرة وللحج معاً، ثم إذا جاء في يوم التروية أهل مع الناس وأدى مناسك الحج، ويتحلل إذا رمى الجمرة ثم طاف بالبيت كما سيأتي.
وقد وقفنا في كلامنا على طواف الإفاضة، وطواف الإفاضة يكون في يوم العيد وهو يوم النحر.
وقبله يوم التروية الذي ذهب فيه الحاج إلى منى، فيصلي بمنى الظهر والعصر والمغرب والعشاء، يقصر الرباعية ويصلي كل صلاة على وقتها، ويبيت في منى، والذهاب إلى منى في اليوم الثامن من سنن الحج وليس من فروضه ولا من أركانه.
والمبيت ليلة عرفة بمنى من السنن، فإذا بات الحاج بمنى وأصبح صلى الفجر وانطلق إلى عرفات قبل صلاة الظهر فيدركه الوقت وهو في عرفات، فيصلي مع الإمام الظهر والعصر جمعاً وقصراً ويسمع خطبة عرفة ويظل من بعد الظهر حتى غروب الشمس يدعو الله سبحانه وتعالى على ما ذكرنا من تفصيل.
فإذا غربت الشمس أفاض الحجيج من عرفة إلى المزدلفة، وصلوا بها المغرب والعشاء جمعاً ويقصرون العشاء ويبيتون في المزدلفة، والمبيت واجب في المزدلفة، والواجب منه حتى بعد منتصف الليل، ويرخص للضعفاء في الانطلاق من المزدلفة بعد منتصف الليل إلى منى.
وإذا باتوا بالمزدلفة صلوا الفجر في أول وقتها، ثم يقفون عند المشعر الحرام عند جبل قزح أو في أي موقف من المزدلفة يدعون الله سبحانه حتى وقت الإسفار قبل شروق الشمس، فينطلقون مع وقت الإسفار إلى منى ويفيضون من هذا المكان إلى البيت.
وإذا وصلوا إلى منى أول ما يبدءون به رمي جمرة العقبة الكبرى بسبع حصيات، ولا يرمون الصغرى ولا الوسطى.
ومتى رموا جمرة العقبة الكبرى فقد شرعوا في التحلل الأصغر، فيحلقون شعورهم، وينحرون هديهم، ثم يتوجهون إلى البيت ليطوفوا طواف الإفاضة.