والوقوف في أي جزء كان من أرض عرفات صحيح بإجماع العلماء؛ لحديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عرفة كلها موقف)، ولكن أفضل مكان في عرفات سيكون الموقف الذي وقف فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا الموقف عند الصخرات الكبار المفترشة في أسفل جبل الرحمة، وجبل الرحمة معروف، فكل الحجاج يذهبون إلى هناك فيصعدوا فوق جبل الرحمة، والراجح أنه لم يأت في فضل الصعود إليه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هي مشقة زائدة، وإن استحبها بعض أهل العلم كالإمام الطبري وغيره، ولكن لا دليل على استحباب الصعود على جبل الرحمة، وإنما وقف النبي صلى الله عليه وسلم أسفل جبل الرحمة، وهو موضع فيه صخرات، فهنالك وقف النبي صلى الله عليه وسلم ووجه ناقته إلى القبلة وبطن الناقة إلى الجبل، ووقف إلى نهاية الغروب صلوات الله وسلامه عليه.
إذاً: السنة الوقوف في أي مكان في عرفة، خاصة الموقف الذي وقف فيه النبي صلى الله عليه وسلم، وجبل الرحمة ليس من السنة الصعود عليه، لكن لو صعد إنسان ووجد مكاناً فوق الجبل بحيث يكون بعيداً عن الناس فلن نقول له: إنه حرام عليه، ولكن لا تشق على نفسك؛ فإن الشمس شديدة الحرارة جداً والإنسان يمكن أن يتأذى بالمسير والصعود إلى الجبل، وإلى أن يصعد الجبل قد يظل ساعة أو ساعتين، وتضييع هذا الوقت في ترك الدعاء خسارة، وبعد أن تصعد يمكن أن تتعب وتنام بقية اليوم، وعلى ذلك فاجلس في المكان الأسهل عليك لتنتبه للدعاء في هذا اليوم.
وجبل الرحمة يقال له: ألال، وهذا اسم من أسمائه.
أما حد عرفات فقد قال الشافعي رحمه الله: هي ما جاوز وادي عرنة، ونحن قلنا: إن وادي عرنة بجوار عرفة، ونمرة أيضاً هنالك، فلا عرنة ولا نمرة من عرفات، يقول الإمام الشافعي: ما جاوز وادي عرنة إلى الجبال القابلة مما يلي بساتين ابن عامر، وقد وضعت الآن علامات حول أرض عرفة، ولا توجد البساتين التي يذكرها، ولكن هناك علامات تحدد مكان عرفة.