وينبغي أن يكون في طوافه خاشعاً متخشعاً حاضر القلب، ملازم الأدب بظاهره وباطنه في هيئته وحركته ونظره, فإن الطواف صلاة فيتأدب بآدابها، ويستشعر في قلبه عظمة من يطوف ببيته.
ويكره له الأكل والشرب أثناء الطواف، ولو فعل ذلك فطوافه صحيح, وكراهة الشرب أخف من كراهة الأكل في طوافه, ولا يبطل الطواف بواحد منهما.
ويكره للطائف أن يشبك أصابعه أو يفرقعها, فالطائف مشغول بالدعاء وليس مشغولاً بالتسلية بحيث يفرقع أصابعه أو يتمطى أو يشبك بين أصابعه في الطواف.
ويكره أن يطوف وهو يدافع البول أو الغائط, كما يكره ذلك في الصلاة، والعلة في ذلك: أن المصلي مشغول بذكر الله عز وجل، فإذا انشغل ببطنه ببول أو غائط فلن ينتبه لما يدعو به أو لما يقوله, فهو يريد أن ينتهي من الصلاة من أجل أن يخرج، وكذلك في الطواف.
والطواف عبادة وتوحيد لله سبحانه وتعالى، وإظهار للتضرع والخشوع بين يديه سبحانه, وهذا كله ينافيه أن الإنسان يدافعه البول أو الغائط، فيريد أن ينتهي بسرعة من غير دعاء ولا خشوع حتى يذهب إلى قضاء حاجته، فنقول: اذهب واقض حاجتك، ثم بعد ذلك طف بالبيت.
ويلزمه أن يصون نظره عمن لا يحل له النظر إليه, وليس هذا للطائف فقط، بل الطائف وغير الطائف, فالمؤمن يصون نظره عن أن ينظر إلى الحرام، أو أن ينظر إلى النساء والمردان، فيحرم عليه أن ينظر نظرة توقعه في النار, فإذا كان هذا في غير الحج والعمرة فيكون في بيت الله الحرام من باب أولى أن يجتنب ما حرم الله سبحانه وتعالى.
ويصون نظره وقلبه عن احتقار من يراهم من الضعفاء وغيرهم, فلعل الإنسان في أثناء الطواف وهو في حرم الله يرى إنساناً ضعيفاًً عاجزاً فينظر إليه بنظرة الاحتقار, والذي جعله كذلك هو الله سبحانه القادر على أن يجعلنا مثله, فالإنسان لا يحتقر إنساناً ضعيفاً أو إنساناً عاجزاً، سواء أوقعه هذا في أشياء من الخطأ أو أنه أوقعه في شيء مما يبغض الناس, فعلى ذلك ارحم خلق الله سبحانه وتعالى، ومر بالمعروف وانه عن المنكر من غير أن تزدري إنساناً, والإنسان الذي ترى فيه شيئاً من الضعف في عمله وجسده، أو جهل شيئاً من المناسك علمه برفق، ولا داعي لأن تستكبر عليه، وأن تنظر إليه أنه جاهل وأحمق وكذا, ولكن علم الإنسان الجاهل في مثل هذا الموسم.