والدنو من البيت مستحب, فإذا خيرت بين أن تطوف بجوار البيت وبين أن تطوف في المسجد أو في الدور الثاني فالأفضل أن تطوف في صحن المسجد قريباً من البيت, مع أنك لو نظرت بالعقل فستقول: التعب فوق أكثر؛ لأن المسافة قصيرة حول البيت, لكن لو طفت في المسجد أو في الدور الثالث فإن التعب فيها أكثر, بل يمكن أن يكون الشوط الواحد بسبعة, ولكن مع ذلك إذا كنت بجوار بيت الله سبحانه وتعالى فهو أفضل, وكلما دنوت من البيت كان أفضل حتى لو كان المشي أقل في ذلك, فعلى ذلك نقول: لو دنوت من البيت فهذا مستحب بشرط ألا تؤذي أحداً، ولا ينظر إلى كثرة الخطى في البعد؛ لأن المقصود هو إكرام البيت بكثرة الاقتراب منه، والعلة في ذلك أنك تكرم بيت الله بإعماره، فكلما كنت قريباً كان هذا أفضل ممن يكون بعيداً عنه ويترك الساحة فارغة.
أما المرأة فيستحب لها ألا تدنو في حال طواف الرجال، بل تكون في حاشية المطاف, أي: خلف الرجال متأخرة ولا تكون قريبة حتى لا تؤذى ولا تختلط بالرجال فتتأذى.
ويستحب لها أن تطوف في الليل إذا كان الليل أهون في الطواف وأقل في العدد؛ فإنه أصون لها ولغيرها من الملامسة والفتنة, فإن كان المطاف خالياً من الرجال فيستحب لها أن تدنو.
والمحافظة على الرمل مع البعد من البيت أفضل من القرب بلا رمل, وهنا التخيير بين أن تكون قريباً من البيت أو بعيداً من البيت, فنقول: القرب من البيت أفضل, ولكن أن تبتعد قليلاً وتأتي بالسنن أفضل من ترك سنة من سنن النبي صلى الله عليه وسلم مع القرب, فإذا كنت بعيداً قليلاً وتقدر على الرمل فهو أفضل، والرمل معناه: الإسراع في المشي كهيئة الذي يجري، فهذا يسمى بالخبب أيضاً.
وشرط الطواف وقوعه في المسجد الحرام, فلو أن إنساناً طاف خارج المسجد الحرام فلا يجزئ, والمسجد الحرام كلما وسع كان ما بداخله يعد من المسجد الحرام, وقد وسع المسجد حتى صار أضعاف ما كان عليه قبل، لكن لو كان في نفس المكان الآن وهو خارج المسجد الحرام من غير توسيع ولا شيء فهذا يسمى خارجاً منه, فالطواف لابد أن يكون داخل المسجد.
ولا بأس بالحائل في المسجد الحرام بين الطائف والبيت, فإن الذي يطوف في الدور الثاني أو يطوف وراء المسجد يمكن أثناء الطواف أن يكون هناك حوائل تمنعه من النظر إلى البيت ولا يرى البيت، فالطواف صحيح.
ويجوز الطواف في أخريات المسجد وعلى سطوح المسجد كما ذكرنا, فإن جعل سطح المسجد أعلى من سطح الكعبة وطاف على سطح المسجد صح وإن ارتفع عن محاذاة الكعبة, بمعنى: لو فرضنا أنه يوجد دوران، ثم أصبحت أربعة أدوار، ثم وصلت إلى عشرة أدوار مثلاً، وهو يطوف في الدور المرتفع, فطالما أنه داخل المسجد فالطواف صحيح حتى لو كان أعلى من سطح الكعبة.