من فضائل الحجر الأسود

والحجر الأسود له فضيلة، وكذلك الركن اليماني ومقام إبراهيم, فهذه الأماكن قد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فضيلتها في الحديث الذي رواه الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نزل الحجر الأسود من الجنة وهو أشد بياضاً من اللبن، فسودته خطايا بني آدم)، هذا الحديث الصحيح فيه بيان فضيلة الحجر الأسود، فذكر أنه من الجنة, وكان أشد بياضاً من اللبن فسودته خطايا بني آدم من شركهم وفعلهم المنكر في هذا المكان, من إقامة الأصنام ونحوها.

وفي حديث آخر رواه الترمذي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الركن والمقام ياقوتتان من يواقيت الجنة طمس الله نورهما، ولولا ذلك لأضاءتا ما بين المشرق والمغرب)، الركن: هو الحجر الأسود, والمقام: هو مقام إبراهيم الذي قام عليه وهو يبني الكعبة, فجاء في هذا الحديث الصحيح أن (الركن والمقام ياقوتتان من يواقيت الجنة, لولا أن الله طمس نورهما لأضاءتا -أي: هاتان الياقوتتان- لأضاءتا ما بين المشرق والمغرب, ولولا ما مسهما من خطايا بني آدم لأضاءتا ما بين المشرق والمغرب, وما مسهما من ذي عاهة ولا سقيم إلا شفي)، فلو أن الله تركهما على حالتهما لم يطمس نورهما لكان أي إنسان يمسهما شفاه الله عز وجل, أي إنسان سقيم أو ذي عاهة, قال: (وما مسهما من ذي عاهة ولا سقيم إلا شفي) فهنا طمس الله عز وجل نورهما بسبب خطايا بني آدم, وفي رواية: (لولا ما مسهما من أنجاس الجاهلية ما مسه ذو عاهة إلا شفي, وما على الأرض شيء من الجنة غيره) أي: غير ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث.

وروى النسائي عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن مسحهما يحطان الخطيئة)، وسمعته يقول: (من طاف سبعاً فهو كعتق رقبة)، فذكر هنا مس الاثنين: الحجر الأسود والركن اليماني فقال: (إن مسحهما يحطان الخطيئة) أي: بهذا المسح كل من الاثنين يحطان الخطيئة عمن مسهما؛ ولذلك فالسنة أن تفعل ما صنعه النبي صلى الله عليه وسلم وما أرشد إليه, فالحجر الأسود تمسه بيدك وتقبله, والركن اليماني تمسه بيدك, وهذا المسح باليد يحط الخطيئات كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم.

وفي رواية لـ أحمد: (إن استلام الركنين يحطان الذنوب) والمنطوق منه: استلام الركنين, والمفهوم منه: أن غير الركنين ليس فيه هذه الفضيلة, فالإنسان الذي يتعب نفسه فيمسح البيت كله عندما يمر فهذا خطأ، ولم يفعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما فعل ذلك مع الركنين, وجاءت الفضيلة في مسح الركنين دون غيرهما.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحجر: (والله ليبعثنه الله يوم القيامة له عينان يبصر بهما، وله لسان ينطق به، يشهد على من استلمه بالحق)، فهنا يكون النفع أن الله سبحانه يجعل له ما ينطق به, فيقول الحجر الأسود: فلان قبلني, وفلان مسني, وفلان وحد الله عز وجل عندي, قال صلى الله عليه وسلم: (والله ليبعثنه الله يوم القيامة له عينان يبصر بهما، ولسان ينطق به، يشهد على من استلمه بالحق) وهنا قيد: (من استلمه بالحق)، وكأن هناك من يستلمه بحق ومن يستلمه بغير حق, فالذي يستلمه بالحق ذهب موحداً لربه سبحانه وتعالى، ولم يظلم أحداً, ولم يبغ منكراً في هذا المكان, استلمه لا لسمعة ولا رياء, ولا يقال: فلان استلم وفلان حج، ولم يزاحم ولم يؤذ الخلق في هذا المكان، فاستلم الحجر بحق فإنه يشهد له يوم القيامة, أما الذي يؤذي الخلق ويضرب الناس حتى يستلمه فهذا استلمه بغير حق, فقد آذى الخلق في صنيعه، فالحجر يشهد على من استلمه بحق فقط.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015