وإن حمل محرم محرماً لعذر وطاف به، ونوى كل واحد منهما عن نفسه، وقع الطواف عنهما عند الأحناف، وعن المحمول وحده عند الجمهور، والأحوط أن يطوف الحامل طوافاً عن نفسه ثم يحمل المعذور ويطوف به، فأما إن كان المحمول صبياً فيجب طوافان.
صورة في المسألة: إنسان حمل إنساناً آخر وطاف به بالبيت، ذكرنا أن الأحوط أن يطوف به فيكون هذا الطواف عن المحمول، ثم يطوف عن نفسه بعد ذلك.
وكوننا نقول: الأحوط، فذلك خروجاً من الخلاف فقط؛ لأن الجمهور على ذلك، لكن الراجح من حيث الدليل أنه لو طاف إنسان بالبيت وحمل إنساناً آخر عاقلاً له نية، فهذا نوى، وهذا نوى، فهذه نية منفصلة عن هذه، فالصواب فيها: أن الطواف صحيح عن الاثنين، فكل واحد طوافه بنيته، فالمحمول هنا إنسان عاقل، وله نية في ذلك، فلو أنه طاف فوق جمل أو أي شيء آخر فطوافه صحيح، فلو ركب على إنسان آخر فطوافه أيضاً صحيح، وهكذا الحامل له نية، وله فعل، وهو المشي على رجليه والطواف بالبيت، فكل واحد منهما له نية منفصلة.
فلذلك الصواب في هذه المسألة والراجح فيها: أنه إذا حمل من يعقل وله نية فطواف كل إنسان عن نفسه، ويكفي طواف واحد للحامل وللمحمول على الراجح من كلام أهل العلم.
لكن إذا حمل من لا نية له، كأن حمل طفلاً صغيراً لا نية له وطاف به، فهنا الصبي ليس له نية، بل النية نية الحامل، ولن ينوي هو عن هذا المحمول وإنما ينوي عن نفسه، فإذا فعل ذلك فقد جمع نيتين بفعل واحد، وهذا لا يصح، فعلى ذلك عليه أن يطوف عن الصبي ثم يطوف بعد ذلك عن نفسه، أو يعكس بأن يطوف عن نفسه ثم يحمل الصبي ويطوف وينوي عنه.