كذلك ينبغي للمرء ألا يعود نفسه على الدعاء على الغير وخاصة باللعن؛ لأنه جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يكون اللعانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة)، فالإنسان الذي عود لسانه دائماً: لعنة الله على فلان، لعنة الله على كذا هذا لا يصلح أن يكون شفيعاً يوم القيامة، حتى وإن دخل الجنة لا يصلح أن يشفع لأحد من أهل النار بأن يخرج ويدخله الله الجنة، وفي الحديث الآخر: (لا ينبغي لصديق أن يكون لعاناً).
وقال صلى الله عليه وسلم: (ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء)، وفي حديث أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن العبد إذا لعن شيئاً صعدت اللعنة إلى السماء، فتغلق أبواب السماء دونها، ثم تهبط إلى الأرض فتغلق أبوابها دونها، ثم تأخذ يميناً وشمالاً)، انظر إلى اللعنة التي خرجت من الإنسان، يلعن شيئاً فتصعد إلى السماء فلا تلقى لها مكاناً، وتنزل إلى الأرض فلا تلقى لها مكاناً، فإن لم تجد لها مساراً رجعت إلى الملعون المشتوم المدعو عليه باللعنة إن كان أهلاً لذلك، وإلا رجعت إلا قائلها، فقد ضاقت عليها السماوات والأرض، وكم من إن إنسان يلعن غيره وترجع لعنته على نفسه، واللعن: هو الطرد من رحمة الله سبحانه وتعالى.
أيضاً ورد في حديث لـ عمران بن حصين رضي الله عنه قال: (بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره وامرأة من الأنصار على ناقة فضجرت فلعنتها، فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: خذوا ما عليها ودعوها؛ فإنها ملعونة، قال عمران: فكأني أراها الآن تمشي في الناس وما يعرض لها أحد).
كأن لعنة المرأة وقعت على هذه الناقة فإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا يصحبنا شيء فيه لعنة، فكان ذلك عقوبة للمرأة حتى لا تلعن شيئاً آخر، فقد خسرت المرأة الناقة ولم يستفد أحد منها.
فيتعود الإنسان ألا يلعن شيئاً، وهذا من الآداب الذي ينبغي أن يكون في سفر الحج والعمرة.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.