الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الطواف الصحيح هو الطواف الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الطواف له شروط وواجبات وسنن.
فالشروط والواجبات خمسة: أحدها: الطهارة من الحدث، ومن النجس في الثوب والبدن والمكان الذي يطؤه في مشيه، فالطواف بالبيت صلاة، فكما تصلي وثيابك طاهرة كذلك في الطواف بالبيت تكون الثياب والبدن طاهرة أيضاً.
الثاني: كون الطواف داخل المسجد، أي: تطوف وأنت في صحن المسجد، تطوف وأنت في المسجد نفسه سواء في الدور الأول أو في الثاني أو فوق السطوح، كل هذا جائز، أما الطواف خارج المسجد فلا يصح، فلا بد أن يكون الطواف داخل المسجد.
الشرط الثالث: إكمال سبعة أشواط.
الرابع: الترتيب، فيبدأ طوافه بالحجر الأسود، وينتهي بالحجر الأسود، ويجعل أيضاً الحجر الأسود والبيت عن يساره.
الخامس: أن يكون جميع بدنه خارجاً عن جميع البيت، أي: يكون الطواف على أرض صحن المسجد، فلا يكون فوق شذروان الكعبة، ولا فوق السور الذي بجوار الكعبة، ولا يدخل بين بابي الحجر، فيدخل من باب ويخرج من الآخر، فهذا لا يصح طوافه؛ لأن الطواف لا بد أن يكون من وراء الحجر.
وأما سنن الطواف فهي: السنة الأولى: أن يكون ماشياً.
السنة الثانية: أن يضطبع، وهذا في الطواف الأول الذي يأتي به، سواء كان طواف العمرة، أو كان في حج وسيكون في طواف القدوم، والاضطباع معناه: كشف المنكب الأيمن.
السنة الثالثة: الرمل، ويكون في الثلاثة الأشواط الأولى، والأربعة الباقية يمشي فيها.
السنة الرابعة: استلام الحجر الأسود وتقبيله، ووضع الجبهة عليه، واستلام الركن اليماني باليد اليمنى دون تقبيل.
هذه من السنن، فإذا تيسر له ذلك فعل، وإذا لم يتيسر له فلا شيء عليه، والاستلام معناه: أن يضع يده عليه إن استطاع، ثم يضع جبهته كهيئة الساجد عليه، ويقبل الحجر الأسود، كل هذا يفعله إن استطاع ودون أن يؤذي أحداً من الناس.
والركن اليماني السنة فيه الاستلام، فالكعبة لها أربعة أركان: ركنان يمانيان جهة اليمن، وركنان شاميان جهة الشام، فالركن الأول: هو الركن اليماني الذي فيه الحجر الأسود، وهو أول ركن في الطواف، فالبداية تكون من عنده.
والركن الثاني: هو الركن الشامي، ثم تدور من وراء الحجر وتصل إلى الركن الثالث، وهو الركن الشامي الثاني، ثم تصل بعد ذلك إلى الركن الرابع، وهو الركن اليماني، فهذه الأربعة الأركان التي حول البيت.
فالركنان الشاميان ليس فيهما استلام ولا تقبيل، والركن الذي فيه الحجر الأسود فإنك تستلم الحجر وتقبله وتسجد عليه، والركن اليماني الآخر السنة فيه المسح فقط، أي: الاستلام باليد من غير تقبيل، وهذا كله من سنن النبي صلوات الله وسلامه عليه.
السنة الخامسة: الأذكار المستحبة في الطواف خاصة بين الركنين فيقول: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
السنة السادسة: الموالاة بين الأشواط، أي: أن تطوف الطواف الأول، والطواف الثاني بعده، والثالث بعده وهكذا، ولا تطوف ثم تجلس لترتاح فترة، ثم ترجع مرة ثانية، فإن السنة: أن يكون الطواف متتالياً بعضه بعد بعض ما استطعت إلى ذلك سبيلاً.
السنة السابعة: الصلاة بعد الطواف ركعتين خلف مقام إبراهيم.
السنة الثامنة: أن يكون في طوافه خاشعاً، خاضعاً، متذللاً، خاضع القلب، ملازم الأدب بظاهره وباطنه، وفي حركته ونظره، وهيئته، يستشعر أنه في بيت الله سبحانه، فيكون جم الأدب في هذا المكان، في غاية الاحترام لهذا المكان، ويكون متواضعاً لخلق الله سبحانه، فلا يؤذي أحداً حتى لو آذاه الناس في هذا المكان.