ويكره حك الشعر، ويكره مشط رأسه ولحيته، فالحاج هو الإنسان الأشعث الأغبر لا يحتاج إلى مثل ذلك، لكن إن احتاج وفعل فلا يتعمد أن ينزع شيئاً من الشعر، فله أن يحك بدنه أو رأسه عند الحاجة، ولكن برفق؛ لئلا ينزع شيئاً من الشعر.
ولو أنه احتاج أن يحتجم في أثناء إحرامه من أجل التداوي مثلاً، مع أنه توجد الآن أدوية تغني عن ذلك، فليجعل الحجامة بعد أن ينهي الإحرام، لكن لو احتاج في أثناء الإحرام وكانت هذه هي الوسيلة لهذا العلاج وأراد أن يحلق شيئاً من الشعر من أجل أن يحتجم جاز ولا شيء عليه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم في وسط رأسه وهو محرم صلوات الله وسلامه عليه، ولن يتم هذا الاحتجام إلا بأن يزيل بعضاً من الشعر.
وكذلك إذا اغتسل وسقط شيء من شعره، أي: لو أنه دلك شعر رأسه فسقط شيء من شعره فلا شيء عليه، سواء في ذلك الرجل والمرأة.
ويفتصد إذا احتاج إلى ذلك، والفصاد: هو أخذ الدم من العرق، وله أن يغتسل من الجنابة بالاتفاق، وكذلك لغير الجنابة، وجاء عن عائشة رضي الله عنها وكانت تسأل عن المحرم: أيحك جسده؟ فتقول: (نعم فليحككه وليشدد، ولو ربطت يداي ولم أجد إلا رجليّ لحككته) أي: أنه جائز ولا شيء في ذلك.
ويحرم الاكتحال بكحل فيه طيب، أما الاكتحال بما لا طيب فيه فلا يحرم، ويكره للمحرمة الاكتحال بالإثمد أشد من كراهته للرجال؛ لأن المرأة تضع الكحل في عينيها زينة، فيكون فيه فتنة للرجال، وخاصة إذا كانت بغير نقاب، وإذا كانت في الإحرام في وسط الرجال فإنها تسدل على وجهها، ولعلها في أثناء رفع ما سدلته على وجهها يراها أحد فتكون فتنة، فعلى ذلك يكره لها ذلك، فإذا صارت فتنة فلا يبعد أن يحرم عليها ذلك.
فإن اكتحل رجل أو امرأة فلا فدية، وقد جاء عن عثمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في المحرم يشتكي عينيه: (يضمدها بالصبر) أي: يضعه في العين، أما الآن فتوجد مراهم وقطرات وغيرها تغني عنه.
وعن شميسة قالت: اشتكت عيناي وأنا محرمة، فسألت عائشة أم المؤمنين عن الكحل فقالت: اكتحلي بأي كحل شئت غير الإثمد، أو قالت: غير كل كحل أسود، أي: خشية الزينة، أما إنه ليس بحرام، ولكنه زينة.
عائشة تقول ذلك، ونحن نكرهه، وقالت: إن شئت كحلتك بصبر، قالت: فأبيت.
وللمحرم أن يغتسل في الحمام وغيره، وقد جاء في الصحيحين عن أبي أيوب قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل وهو محرم)، فالاغتسال جائز أثناء الإحرام، وله أن يغسل رأسه بالصابون؛ لما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في المحرم الذي خر من ناقته قال: (اغسلوه بماء وسدر) والسدر مثل الصابون، وهو ورق النبق، فعندما يطحن ويدق ويوضع في الماء تكون له رغوة مثل الصابون، وينظف، فيجوز استخدام السدر، والصابون يشبهه، فجاز استخدام أي نوع من الصابون، إلا أن يكون فيه نوع من الطيب الذي يلصق ولا يذهب إذا غسل يده بالماء، فلا يستخدمه المحرم لذلك.
وللمحرم أن يحتجم ويتداوى ولا فدية؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك.
وله أن يستظل سائراً ونازلاً في أثناء إحرامه، بأن يضع شمسية على رأسه، وهذا جائز، ففي الحديث تقول أم الحصين: (رأيت أسامة وبلالاً وأحدهما آخذ بخطام ناقة النبي صلى الله عليه وسلم والآخر، رافع ثوبه يستره من الحر، حتى رمى جمرة العقبة)، إذاًَ: فالنبي صلى الله عليه وسلم أثناء الإحرام كان يستظل من حر الشمس.