واللبس الحرام الموجب للفدية محمول على ما يعتاد في كل ملبوس.
فلو فرضنا أن بنطلونه واسع ووضعه على أكتافه بدل الرداء، فلا نقول: إنه لبسه؛ لأن البنطلون يلبس في الرجلين، وعلى ذلك لا شيء عليه لو أنه وضعه كهيئة البشكير على منكبيه.
إذاً: اللبس الحرام الموجب للفدية محمول على ما يعتاد في كل ملبوس، فلو التحف بقميص أو عباءة أو ارتدى بهما فلا شيء عليه، وفرق بين قولنا: ارتدى بهما، وارتداهما، فارتداهما بمعنى لبسهما، وارتدى بهما بمعنى: وضعهما رداء، فلو أخذ قميصه ووضعه بدل البشكير فوق أكتافه فلا شيء عليه، لكن لو أدخل يديه فيه ولبسه، فهذا قد ارتداه، أما ارتدى به أي: جعله كهيئة الرداء على منكبيه.
كذلك لو أنه أخذ قميصه ولفه حول نفسه ولم يلبسه فلا شيء عليه في ذلك، إنما الممنوع منه أن يلبس القميص؛ لأنه ليس لبساً في العادة، فهو كمن لفق إزاراً من خرق وطبقها وخاطها فلا فدية عليه، بمعنى: لو أتى بخرقة وخرقة وخرقة وخاطها في المكينة وجعلهم بشكيراً كبيراً ولفه على وسطه وعمله إزاراً فلا شيء في ذلك.
وكذا لو التحف بقميص أو بعباءة أو إزار ونحوها فلا فدية؛ لأنه كهيئة اللحاف، أو وضع الملاءة عليه نائماً أو يقظاناً، أو أخذ قميصاً واسعاً أو عباءة واسعة وغطى بها نفسه في أثناء جلوسه على الأرض فلا شيء عليه، والممنوع هو أن يلبس ذلك.
وله أن يعلق المصحف وحافظة نقوده وأوراقه وحقيبته بحمالة في رقبته أو على كتفه كما ترى الحجاج يفعلون ذلك، فمثلاً: الشنطة لها يد كبيرة فعلقها على رقبته أو كتفه، أو لبس حزاماً ووضع فيه أشياءه أيضاً لا شيء في ذلك، سواء كان الحزام مدبساً بمسمار أو مخيطاً، ويجوز له أن يضع الحزام على وسطه، ولا يعتبر من الثياب المفصلة على قدر العضو، وله أن يلبس الخاتم والساعة والنظارة وطقم الأسنان، ولا شيء عليه لا في حج ولا عمرة ولا صيام.
ولا يتوقف التحريم والفدية على المخيط، بل سواء المخيط وما في معناه، كما ذكرنا أن المخيط يقصد به الفقهاء المفصل، فالشراب مثلاً ليس فيه خياط وهو مصنوع هكذا كله من غير أن يكون فيه أي خياط، ولكن هو مخيط؛ لأنه مفصل على قدر رجل الإنسان، فليس له أن يلبس الجورب في أثناء إحرامه.