يستحب للمرء أن يرافق في سفره جماعة؛ لأنهم عندما يكونون مجموعة في السفر يعين بعضهم بعضاً على التقوى، وأقلهم ثلاثة، وقد جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (لو يعلم الناس ما في الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل وحده)، فهذه أمور غيبية لا نعلمها، لكن علمها النبي صلى الله عليه وسلم، فالله عز وجل أطلعه على ما شاء من غيب لا نراه ولا نعرفه.
فالنبي صلى الله عليه وسلم ينصح بألا تسافر لوحدك في طريق، وخاصة بالليل، فلعله مع خلو الطريق في سفره يزين له الشيطان أمراً من الأمور المحرمة، فيقع فيه ولا يجد من ينصحه، ولعل الشيطان إذا وجده في صحراء أو غيرها لوحده فيتمثل له في صور خيالية فيخيفه، فينصح النبي صلى الله عليه وسلم المرء ألا يسافر لوحده، ولكن يسافر مع مجموعة، وأقل ذلك ثلاثة، فقد جاء في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الراكب شيطان، والراكبان شيطانان، والثلاثة ركب).
أي: أن المسافر وحده يمكن أن يقع في شيء من الخطأ، وكذلك إذا كان معه آخر فلعل أحدهما يغلب الآخر، بأن يكون أكثر جدلاً من الآخر فيقول له: ما رأيك أن نعمل كذا؟ فيقنعه بهذا الشيء فيقع الاثنان في هذا الخطأ، فسماهما: شيطانين، لكن الثلاثة تجد كل واحد يراجع نفسه.
إذاً: يستحب أن يسير الإنسان في سفره مع الناس ولا ينفرد في الطريق، وإذا اجتمع مع الناس وخاصة حين ينزلون في أماكن في أثناء الطريق، فبعض الناس يبدو له أن يشتري حاجة من مكان بعيد، ويجيء وقت الانطلاق فإذا به لم يأت بعد فيعطل الجميع، ولو أن كل إنسان عمل ذلك لتعطلت الرحلة كلها، لكن ينبغي على كل إنسان أن يلتزم وألا يبعد عن المجموعة التي هو معها.