من فرض على نفسه الحج فعليه التأدب بآدابه كما ذكرنا في العمرة قبل ذلك، قال الله عز وجل: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة:197] هذه من آداب الحج قوله: (من فرض فيهن) يعنى: من أوجب على نفسه فيهن الحج وألزم نفسه به.
وقوله: ((فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ)) قال أهل العلم: المراد بالرفث، الجماع، وكذلك التعرض للنساء بالجماع، أو ذكر الجماع في حضرة الزوجة وغير ذلك، وكونه يذكر الجماع في حضرة النساء ممنوع.
قوله: ((وَلا فُسُوقَ)) الفسوق هي: المعاصي قوله: ((وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ)) الجدال بمعنى أن يماري صاحبه حتى يغضبه، إلا أن يكون الجدل لنصرة دين الله سبحانه وتعالى، واحتاج إلى ذلك، أما غير ذلك فالأصل أنه منهي عن الجدال، وسميت المخاصمة مجادلة؛ لأن كل واحد من الخصمين يروم أن يفتل صاحبه عن غيره ويصرفه عنه، كأنه مأخوذ من الجدل أي: الحبل المفتول.
فكل واحد يريد أن يصرف صاحبه عن رأيه إلى الرأي الذي اختاره هو، وظاهر الآية - ((فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ)) - النهي، يعني: كأنه يقول لنا هنا: لا ترفثوا ولا تفسقوا، ولا تجادلوا.