ولا يجوز لمن عليه حجة الإسلام أو حجة قضاء أو نذر أن يحج عن غيره، ولا لمن عليه عمرة الإسلام -إذا أوجبناها- أو عمرة قضاء أو نذر أن يعتمر عن غيره، طالما عليه الفرض فيلزمه أن يؤدي الفرض الذي عليه من حج أو عمرة، ثم يحج عن غيره بعدما يؤدي الدين الذي عليه، فإن أحرم هذا الذي عليه حجة فريضة سواء كانت حجة الإسلام أو حجة نذر أو حجة قضاء، وكذلك لو كان عليه عمرة الإسلام، أو عمرة نذر، أو عمرة قضاء،، فإذا حج أو اعتمر عن غيره انقلبت إليه؛ لما روى أبو داود عن ابن عباس: (أن رجلاً قال: لبيك عن شبرمة، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم: من شبرمة؟ قال: أخ لي أو قريب لي، قال: حججت عن نفسك؟ قال: لا، قال: حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة)، أي: أن هذه الحجة التي كان فيها لا يصلح أن تكون عن شبرمة؛ لأنك لم تؤد الحج عن نفسك.
وفي رواية أخرى قال النبي صلى الله عليه وسلم: (هل حججت قط؟ قال: لا، قال: فاجعل هذه عن نفسك، ثم حج عن شبرمة)، فإن كان مستأجراً وقد ظنه حج عن نفسه فبان أنه لم يحج لم يستحق أجرة لتغريره، والمال الذي أخذه يرده لصاحبه، والحجة هذه تكون له هو فلا يصلح أن يحج عن غيره من لم يحج عن نفسه.
وكذلك لو أن إنساناً اجتهد في نفسه، وظن أنه مصيب في ذلك، مع وجود نص النبي صلى الله عليه وسلم في خلاف ما يختاره، فلو ظن وقال: اعتقادي أن من لم يحج عن نفسه يجوز له أن يحج عن غيره، وأعطى ذلك الإنسان مالاً، وقال: حج عني بهذا المال، فهذه الحجة عن الأجير وليست عن المستأجر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (حج عنك ثم حج عن شبرمة).
أما إذا استأجر للحج من حج ولم يعتمر أو للعمرة من اعتمر ولم يحج، فقرن الأجير وأحرم بالنسكين عن المستأجر أو أحرم بما استؤجر له عن المستأجر وبالآخر عن نفسه، فما استؤجر له يقع عن المستأجر، والآخر عن الأجير.
وصورة المسألة: إنسان مطلوب منه أن يؤدي نسكاً واحداً، هذا النسك قد أداه قبل ذلك، وجاءه إنسان وقال له: أنت حججت عن نفسك، قال: نعم، لكن ما اعتمرت، فقال: حج عني وأدفع لك أجرة، فحج عن هذا المستأجر، ثم اعتمر عن نفسه، أو بدأ بالعمرة وحج عن هذا المستأجر، فعلى ذلك وقع الحج عن صاحبه؛ لأنه أدى عن نفسه.
والعكس: لو قال له إنسان: أنا أريد أن تعتمر عني عمرة، فقال: سأذهب أحج عن نفسي وأعتمر عنك، وهو قد اعتمر عن نفسه قبل ذلك، فهذا صحيح أيضاً، فهو قد اعتمر عن نفسه قبل ذلك، فيصلح أن يعتمر عن غيره، فما استؤجر له يقع عن المستأجر والآخر يقع عن نفسه.