مسألة: إن بذل الولد المال لأبيه كأن يقول لأبيه: هذا المال يا أبي فاخرج وحج، فإن كنت مريضاً أو معضوباً آتي بشخص ليحج عنك، فهل يلزم الوالد قبول ذلك؟ لا شك أن هذا خير كثير جداً، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (أنت ومالك لأبيك)، وقال: (الولد من كسب أبيه)، ولكن الأب لعله يجد من الابن منة عليه، كأن يقول الابن: لقد حججت عن أبي، وعملت كذا عن أبي، فيلحقه بذلك شيء من الضيق والحرج، والراجح أنه إن خاف الوالد أن يمن عليه الولد في ذلك فلا يصير الحج واجباً عليه بذلك؛ لأنه مما يمن به، بخلاف خدمته بنفسه، فمن الممكن أن يقول الابن لأبيه: أنا سأخرج معك لكي أخدمك في أثناء الطريق، فهنا يلزم الأب أن يوافق؛ لأن الأب سينفق من ماله وسيخرج بنفسه ولكنه محتاج للابن أن يخدمه، بخلاف ما لو أن الابن خرج عن الأب والأب يخاف من المنة في ذلك فلا يلزمه في هذه الصورة.
وكذلك لو بذل المال للمعضوب أبوه فهو كبذل الولد، فلو أن المعضوب ضعيف لا يقدر على الحج فقال له أبوه: أنا أحج عنك، فهل صارت الحجة فريضة على الابن؟ الراجح في هذه المسألة: أن الحجة لا تصير على الابن فريضة، وإن كان الأب قد فعل ذلك فهذا حسن.