لو أنه بالغ في الاستنشاق متعمداً فإنه يفطر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك وقال ل لقيط بن صبرة (وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً)، وهذا من النظافة العظيمة في هذا الدين القيم، فالوضوء فيه مضمضة وهي: تطهير الفم وهذا تطهير ظاهر، وأيضاً تطهير باطن أن ذنوب الفم تنزل في أثناء المضمضمة، وكذلك الاستنشاق فهو تطهير لما في الأنف من أتربة وجراثيم ما زالت على الشعيرات الأنفية ونحو ذلك فتخرج هذه الأشياء مع الاستنشاق.
فأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بمبالغة الاستنشاق، وهو أنْ تجعل الماء في أنفك وتستنشقه بقوة بحيث يصل إلى داخل الأنف ثم تخرجه لكي ينظف مجرى النفس في أنفك، فقال صلى الله عليه وسلم: (وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً)، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم الصائم عن المبالغة في الاستنشاق؛ لأن الأنف له مجرى إلى الحلق وإلى الجوف، فإذا كنت صائماً فلا تفعل ذلك، أما من استنشق ولم يبالغ فيه فسبقه الماء إلى جوفه فالراجح أنه لا شيء عليه إذا كان كذلك؛ لأنه معذور أو أنه نسي في ذلك، أمَّا لو تعمد الاستنشاق وعلم أنه صائم وأنه لا يجوز له أن يبالغ في الاستنشاق وعلم أنه لو بالغ فيه فإنه سينزل إلى حلقه فإنه يفطر بذلك، فإذا لم يقصد الفطر أو ظن أنه يحبسها بحيث لا تصل إلى حلقه فالراجح في هذه الصورة الثانية أنه لا يفطر بذلك.