أيضاً مما يحرم في المساجد أن يقبر فيها، أو يُتخذ على القبر مسجد، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة متواترة عنه أن تبنى المساجد على القبور، أو أن تتخذ القبور مساجداً.
من هذه الأحاديث: حديث السيدة عائشة في الصحيحين: أن أم حبيبة وأم سلمة ذكرتا كنيسة رأتاها بالحبشة فيها تصاوير، فذكرتا للنبي صلى الله عليه وسلم ذلك، وكانت السيدة أم سلمة وأم حبيبة رضي الله عنهما ممن هاجرن إلى الحبشة، فيذكران للنبي صلى الله عليه وسلم أنهما رأتا في الحبشة كنيسة، وفيها صور كعادة النصارى في وضع صور بداخل الكنائس.
فقال: (إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات، بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصور، فأولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة).
لاحظ أنه لم يقل: يسجدون للرجل الصالح، ولم يقل: يعبدون الرجل الصالح، قال: إن الرجل الصالح إذا كاد أن يموت يضعونه في قبر، ويبنون مسجداً فوق القبر، فنهانا عن ذلك صلوات الله وسلامه عليه.
وفي صحيح مسلم عن جندب بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: (سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس وهو يقول: إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل) وهذا قبل أن يموت بخمسة أيام صلوات الله وسلامه عليه.
يقول: (فإن الله تعالى قد اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً، ولو كنت متخذاً من أمتي خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً، ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد)، وما سمعنا أنهم عبدوا أنبياءهم على نبينا وعليهم الصلاة والسلام، إلا ما فعل النصارى مع المسيح، قال: (يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد؛ إني أنهاكم عن ذلك).
فيحرم على المسلمين أن يبنوا المساجد على القبور أو أن يدخلوا قبور الصالحين بداخل المساجد.