ومن آداب المساجد المنع من نشد الضالة فيها, فإذا أضاع شخص شيئاً فلا يرفع صوته، فالنبي صلى الله عليه وسلم دعا على من فعل ذلك وأمر بالدعاء عليه, فلا تعرض نفسك لأن يدعو عليك أحد من المسلمين, أو أن يستجاب لدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك, قال صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم: (من سمع رجلاً ينشد ضالة في المسجد: فليقل: لا ردها الله عليك، فإن المساجد لم تبن لهذا)، فالذي لقي ضالة أو ضاع منه شيء فلا يقف في نصف المسجد ويقول: ضاع مني كذا, وإنما يخرج خارج المسجد فيقول هذا الكلام، وليس داخله، أو يأتي إلى إدارة المسجد فيضع الحاجة التي وجدها عندها، والذي ضاعت منه يذهب إلى المكان المخصص لذلك فيسأل عنها بعد ذلك.
وكذلك جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم: (إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا: لا أربح الله تجارتك, وإذا رأيتم من ينشد ضالة فقولوا: لا رد الله عليك ضالتك).
فإذاً: لا يجوز البيع في المسجد, ولكن إذا كان الإنسان عليه دين لآخر فلا بأس أن يقول له: خذ دينك فيعطيه؛ لأنه ليس هناك كلام كثير في هذا, وإذا كان هذا سيجلب الكلام الكثير فلا داعي له في المسجد، وكذلك إن كان سيرد لإنسان شيئاً ضاع منه من غير كلام في المسجد جاز, وإلا فليس المسجد محلاً لذلك.
وفي صحيح مسلم من حديث بريدة: (أن رجلاً نشد في المسجد)، ومعنى نشد: أي رفع صوته, (فقال: من دعا إلى الجمل الأحمر؟)، الجمل شيء كبير، ومع ذلك لم يعذره النبي صلى الله عليه وسلم، (فلما قال ذلك, قال: لا وجدت! لا وجدت! إنما بنيت المساجد لما بنيت له).
فإذا كان هذا جمل ضاع فكيف الذي تضيع منه حاجة تافهة ويقف في نصف المسجد ينادي: ضاع مني؟! هذا لا ينبغي له أن يقول ذلك.