الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحابته أجمعين.
ذكرنا في الحديث السابق أن صوم رمضان فريضة افترضها الله عز وجل على عباده، وهو ركن من أركان الإسلام، فصوم رمضان هو الفريضة، وغيره من الصيام إما أن يكون تطوعاً، وإما يكون واجباً إذا أوجبه الإنسان على نفسه لسبب من الأسباب، لكن لا توجد فريضة صيام بأصل الشريعة إلا صوم رمضان.
وهذه الفريضة كما ذكر لنا النبي صلى الله عليه وسلم لابد فيها من نية، فجاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له).
أي: بالنية، وقال: (إنما الأعمال بالنيات) فكل عمل من الأعمال لابد فيه من نية، كالصلاة والصيام، وكل عبادة من العبادات لابد فيها من نية، وكل عمل يعمله الإنسان إذا نوى فيه نية حسنة فالله عز وجل يأجره عليه، (وإنما الأعمال بالنيات) أي: إنما الأعمال الصالحة بالنوايا الخالصة، فإذا كانت النية خالصة لله عز وجل والعمل صالحاً، تقبل الله عز وجل هذا العمل، نسأل الله عز وجل أن يتقبل منا صيام شهر رمضان، وأن يعيننا عليه، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يهله علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، والتوفيق لما يحب ويرضى إنه ربنا سبحانه على كل شيء قدير.
إذاً فلا يصح صوم رمضان إلا بنية، ولابد في الصوم الواجب أن تكون النية من الليل؛ والصوم الواجب: صوم رمضان وصوم الكفارة، وصيام قضاء رمضان، وصيام كفارات قتل الصيد للمحرم ونحو ذلك.
إذاً: فلا يصح صوم رمضان ولا غيره من الصيام الواجب والمندوب إلا بالنية؛ للحديث الذي في الصحيحين من حديث عمر رضي الله عنه قال: النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى).
وعن ابن عمر عن حفصة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم: (من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له)، فلا بد لصحة الصيام أن تكون النية قد بيتها صاحبها، والبيات يكون بالليل، فيبيت من الليل لنية أنه غداً صائم، هذا لغير المعذور.
وأما المعذور كأن يريد أن ينام وهو لم يتبين له أن غداً من رمضان أو ليس من رمضان، فينوي: لو كان غداً من رمضان فإني صائم، فتصح له هذه النية، إذاً: لابد في النية من أن تكون جازمة أنه سيصوم رمضان إلا لمن كان معذوراً كهذا، فله أن ينوي النية على التردد: إن كان غداً من رمضان فإني صائم.