قال النووي رحمه الله: ويستحب أن ينظف فمه قبل الشروع في القراءة، فالذي يقرأ القرآن ويحب القرآن يستعد للقرآن، مثل الذي يقابل ضيفاً عزيزاً، أو إنساناً كبيراً من كبار القوم يأتي إليه، فإنه ينتظر ويستقبله في البيت ويحضر له المكان الذي يجلس فيه، ويلبس ويتزين له ويتنظف حتى يستقبل الضيف، وأعظم ضيوفك الذي تجلس معه هو القرآن العظيم، فتطهر لتجلس لقراءة القرآن واستقبل القبلة ونظف أسنانك حتى تكون رائحة فمك طيبة بالسواك أو فرشاة ومعجون ونحوها، وإذا جلست فاجلس وتوجه للقبلة إن كان ذلك يسيراً عليك، وتخشع في جلوسك وفي قراءتك، وإذا أردت القراءة فتعوذ واجهر بالقراءة، فتقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أو تقول: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه، فإذا كنت في أول السورة فاقرأ بسم الله الرحمن الرحيم، والتعوذ سنة وليس بواجب، وعلى المسلم أن يحافظ على قراءة بسم الله الرحمن الرحيم سواء كان إماماً يقرأ في الصلاة أو كان يقرأ في غير الصلاة، فإذا كان إماماً فالسنة أن يخفيها وألا يجهر بها، وإن كان ورد في حديث أم سلمة: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم)، فلعل ذلك أحياناً حتى يعلم من خلفه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ولا يتركها صلوات الله وسلامه عليه.
فإذا شرع في القراءة فليكن شأنه الخشوع والتدبر والخضوع، فهو المقصود والمطلوب، وبه تنشرح الصدور وتستنير القلوب، قال الله عز وجل: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} [ص:29]، فلنتدبر القرآن حين نتلوه وحين نسمعه لعل الله سبحانه وتعالى يعطينا الأجر العظيم من فضله، نسأل الله تعالى أن يعيننا على حفظ كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وعلى العلم والعمل وعلى الإخلاص.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.