يستحب الجود والاجتهاد والإكثار من فعل الخير في شهر رمضان، فالصائم ينفق في رمضان، ويعتاد على الإنفاق في غير رمضان ويحب ذلك.
لذلك جاء في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة)، فهذا الشهر الكريم كان ينزل فيه جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم في كل ليلة من السماء، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحب أن يلقى جبريل، ومرة قال لجبريل عليه السلام: (لم لا تزورنا أكثر مما تزورنا؟) فجبريل عليه السلام ملك من أعظم ملائكة الله عز وجل ومن أقربهم لربهم سبحانه، يقول له النبي صلى الله عليه وسلم: (لم لا تزورنا أكثر مما تزورنا؟) لكن نزول جبريل هو أمر من رب العالمين قال: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم:64] سبحانه وتعالى، فنزول جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم هذا بأمر الله عز وجل، وليس بهوى النبي صلى الله عليه وسلم ولا بطلبه، إنما الله عز وجل بحكمته ينزله في الوقت الذي يريده، فكان جبريل ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم ويتدارس معه القرآن في رمضان، يقرأ جبريل ويقرأ النبي صلى الله عليه وسلم وهو في غاية الفرح بتلاوته كتاب ربه على جبريل، وبتلاوة جبريل عليه صلوات الله وسلامه عليه، فكان ينفق أكثر مما ينفق طوال العام صلوات الله وسلامه عليه، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس وأكرم خلق الله صلوات الله وسلامه عليه، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلذلك يستحب مدارسة القرآن في ليالي رمضان، والسهر في مدارسته حفظاً وتسميعاً وفهماً لمعانيه وغير ذلك.
قال: (وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة) فالريح حين تهب تهب على الناس جميعاً، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي كل من سأله ومن لم يسأله صلوات الله وسلامه عليه فجوده عظيم وكرمه واسع صلوات الله وسلامه عليه.
أيضاً في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله) هذه سنته صلى الله عليه وسلم، ففي أول رمضان يقوم ويجتهد عليه الصلاة والسلام، فإذا جاء العشر الأواخر يوقظ أهل بيته الذين كانوا ينامون، يوقظهم لعبادة الله سبحانه وتعالى، فيتعاون الإنسان مع أهل بيته ومع إخوانه على طاعة الله سبحانه وتعالى في هذه الأيام وفي هذه الليالي، قالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره)، فالإنسان حين يقوم ليعمل عمله ويكون العمل عملاً مجهداً تراه يربط على بطنه حزامه ليستعين بذلك على القيام بهذا العمل، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يشد مئزره، ويبتعد عن النساء؛ لأنه منشغل عنهن في هذه الأيام الأخيرة، شد مئزره فليس له في النساء حاجة الآن، ويجتهد بالعبادة ويقوم الليل أكثره أو كله صلوات الله وسلامه عليه.
قالت: (وأحيا ليله وأيقظ أهله)، وفي رواية لـ مسلم: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره)، ويلاحظ الإنسان أن هذا شهر الإحسان، فالإنسان يثاب على إحسانه عظيم الثواب في هذا الشهر، فيستغل ذلك حتى لا يضيع الشهر، فيندم على ما فرط فيه.
نسأل الله عز وجل أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.
وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.