إن بات المرء ليلة الثلاثين من شعبان وهو ينوي الصيام إن كان يوم غد من رمضان نفعته نيته إن تبين أنه من رمضان ولم يكن قد أكل وهذا الراجح.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (تصح النية المترددة) وهذا غاية ما يقدر عليه الإنسان، وهي أيضاً إحدى الروايات عن أحمد رحمه الله.
والمعنى: لو كانت الليلة ليلة الثلاثين من شعبان وأردت أن تنام ولم تظهر الرؤية ويمكن أن تظهر بعد قليل، فلك أن تنوي أنه إذا كان يوم غد من رمضان فإنك صائم، فهذه النية تجزئ الإنسان، إذا ظهر أنه المتمم لشعبان فلا بد له أن يفطر.
وفي الصحيحين عن الربيع بنت معوذ قالت: (أرسل النبي صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار: من أصبح مفطراً فليتم بقية يومه، ومن أصبح صائماً فليصم) وهذا دليل على أن صوم عاشوراء كان واجباً في العام الثاني من الهجرة، ثم نسخ وجوبه بعد ذلك لتشريع رمضان في هذا العام، فالنبي صلى الله عليه وسلم أمرهم أن الذي أصبح صائماً على أنه صوم تطوع فليتم، لأنه أخبرهم بالنهار، فقال لهم: الذي أصبح صائماً فليمسك وينوي الآن من النهار أنه صائم، طالما أنه لم يأكل، (من أصبح مفطراً فليمسك بقية يومه)، فعلى ذلك من كان بالليل ولم يدر هل يوم غد هو من رمضان أو هو المتمم لشعبان فله أن ينوي: إذا كان يوم غد من رمضان فإني صائم، ويصح منه الصوم على ذلك.
وإن رأى الناس الهلال بالنهار فهو لليلة المستقبلة، فقد جاء في حديث شقيق بن سلمة قال: (أتانا كتاب عمر رضي الله عنه ونحن بخانقين -اسم مكان في العراق قريب من بغداد - أن الأهلة بعضها أكبر من بعض، فإذا رأيتم الهلال نهاراً فلا تفطروا حتى تمسوا إلا أن يشهد رجلان مسلمان أنهما رأياه بالأمس) المعنى: أنه إذا رؤي الهلال بالنهار فهو لليوم المقبل وليس لليوم الذي هو فيه.