لا يجب صوم رمضان إلا برؤية الهلال، فإن غمي عليهم وجب عليهم أن يستكملوا شعبان ثم يصوموا لما روى البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين) وفي لفظ مسلم: (فإن غمي عليكم فأكملوا العدد).
إذاً: إذا لم يظهر الهلال نتم شعبان، فإذا كنا في شهر شعبان ولم يظهر رمضان فنكمل شعبان ثلاثين يوماً، ولذلك جاء في رواية أخرى: (لا تقدموا الشهر بيوم ولا بيومين إلا أن يوافق ذلك صوماً كان يصومه أحدكم، صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين ثم أفطروا)، فالألفاظ: (غم)، (غبي)، (غمي)، كلها بمعنى واحد وهو عدم ظهور الهلال لسبب من الأسباب.
وجاء في السنن عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تصوموا قبل رمضان، صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) فلا تصم قبل رمضان احتياطاً.
والذي ليس متعوداً على أن يصوم في شعبان ولا في غير شعبان ويأتي ليصوم يوم الشك، ويقول: سوف أصوم هذا اليوم فربما يكون من رمضان فهذا لا يجوز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا تصم احتياطاً لرمضان ولكن إذا ثبتت الرؤيا فصم، (صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته)، وهذا الحديث فيه (فإن حالت دونه غياية -يعني: سحابة- فأكملوا ثلاثين يوماً) يعني: ليس مطلوباً أن نبحث ونفتش وراء السحاب عن الهلال، فإذا ظهر الهلال ثبت الشهر، وإذا لم يظهر الهلال فعلى ذلك (صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته).
وفي رواية للنسائي قال صلى الله عليه وسلم: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته وانسكوا لها -أي تعبدوا-، فإن غم عليكم فأكملوا ثلاثين، فإن شهد شاهدان فصوموا وأفطروا) فيكون الأصل في الرؤيا أن يشهد شاهدان، وهذا في رؤية هلال رمضان أو في غيره، وسيأتي أنه في رمضان يجوز الشاهد الواحد؛ لفعل ابن عمر وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بشهادته وحده رضي الله تبارك وتعالى عنه.
وقوله: (صوموا لرؤيته) هذا يحتمل أن يكون ليلاً أو نهاراً، فإذا كان بالليل فيكون الصوم باليوم الذي يليه، وإذا كان بالنهار فيكون باليوم الذي يليه أيضاً.
قال جمهور العلماء في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (فإن غم عليكم، فاقدروا له) المعنى: احسبوا أول الشهر والرواية الأخرى توضحها (فأتموا عدة شعبان ثلاثين، واحتاطوا لشهر شعبان من أوله)؛ لأنك ستبني صيام رمضان عليه إذا لم تر الهلال، فمعنى (اقدروا له) أي: انظروا في أول الشهر واحسبوا تمام الثلاثين لقوله صلى الله عليه وسلم: (فأكملوا العدة ثلاثين).
وروى أبو داود من حديث عائشة رضي الله عنها: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحفظ من شعبان ما لا يتحفظ من غيره، ثم يصوم لرؤية رمضان)، والمعنى أنه كان يهتم برؤية هلال أول شعبان؛ لأنه سيبني عليه رؤية هلال رمضان أو إكمال شعبان ثلاثين.
(فإن غم عليه عد ثلاثين) أي: عد ثلاثين من شعبان ثم صام صلى الله عليه وسلم.