حكم المسافر إذا قدم من سفره في نهار رمضان

(إذا أفطر المسافر لزمه القضاء ولا فدية) والمسافر يلزمه القضاء ولا يلزمه الفدية؛ لقوله سبحانه: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:184].

(أما إذا قدم المسافر في أثناء يوم قد ترخص فيه وأفطر أو برأ المريض وهو مفطر) مثلاً: لو أن إنساناً كان مسافراً ورجع من السفر في وقت الضحى، وهو مفطر، أو كان مريضاً وشفاه الله عز وجل في أول النهار وكان مفطراً، فالأولى والأفضل التشبه بالصائمين، لكن لا يلزمه أن يتم يومه، وليس من الممكن أن يجتمع حكمان أنه يجوز له في أول النهار أن يترخص ويفطر، ثم نلزمه وهو مفطر أنه يجب عليه الصيام، والبعض من أهل العلم أوجبوا عليه ذلك، وهو قول أبي حنيفة وقول الأوزاعي والأظهر عند الحنابلة أنه يجب عليه الإمساك.

أما عند الشافعي فهو مستحب، والأفضل أن يتشبه بالصائمين ويراعي حرمة اليوم، فيستحب له أن يكمل الصيام وهذه رواية عن أحمد، أنه لا يجب عليه أن يصوم، فكيف يكون في أول اليوم مفطراً بعذر وله رخصة أن يفطر، ثم نقول: يجب عليك أن تصوم بقية اليوم؟! لا يجتمع في اليوم جواز الإفطار مع وجوب الصوم فيه.

قال مالك: لا يجب ولا يستحب الإمساك.

وهو قول قوي في هذه المسألة، وإن كانت المراعاة للصائمين ولحرمة اليوم أن يحتاط فيمسك بقية يومه استحباباً وليس وجوباً.

ولا يأكلان - أي: المسافر والمريض - عند من لا يعرف عذرهما لخوف التهمة، فالمسافر بعد أن نزل في مكان وهو نازل قد يعرفه البعض فله أن يأكل وقد لا يعرفه البعض، فيراعي ألا يتهمه الناس، فيقال: فلان مفطر وهم لا يعرفون أنه مسافر أو أنه مريض، فالإنسان يحافظ على نفسه ولا يأكل عند من لا يعرف عذره، فإذا أراد أن يأكل فعليه أن يخبر أنه مسافر أو يخبر أنه مريض، والإخبار هنا لينفي عن نفسه التهمة، ولكي لا يقتدي به إنسان فاسق فيقلده عندما يراه، وهو إنسان لا يصوم وهو يخفي على الناس أنه مفطر، وبمجرد أن يلقى هذا المسافر يأكل، فيقلده ويفطر مثله، فالأفضل: ألا يفطر إلا عند من لا يتهمه.

(وإذا قدم المسافر أو برئ المريض وهما صائمان) فلو أن إنساناً أصبح وهو مريض مرضاً شديداً يشق معه الصوم، فصبر على مرضه وواصل صومه، فجاء وقت الظهر وقد شفاه الله عز وجل، فليس له رخصة أن يفطر.

وكذلك لو كان إنسان مسافراً، وأصبح صائماً وهو مسافر فوصل إلى البلد المقيم فيه، فليس له رخصة أن يفطر.

فمن كان صائماً في أول النهار سواء كان مريضاً أو مسافراً الصيام الشرعي الذي تصحبه النية من الليل، فعلى ذلك يلزمه أن يتم صيامه وليس له أن يقول: أنا أترخص؛ لأن حكمه حكم الصحيح وليس المريض، وحكمه الآن مقيم وليس مسافراً.

ولو قدم المسافر ولم يكن قد نوى من الليل صوماً ولم يأكل في نهاره قبل قدومه، فله أن يفطر؛ لأن صومه غير شرعي، فصيام رمضان لا بد فيه من النية في الليل ومن الأفضل أن يمسك مراعاة لحرمة اليوم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015