والمقصود: أن وجود القرآن في المصحف ليس كوجود الأعيان المشاهدة، وإن كان له وجود حقيقي، فقد اتفق المسلمون على أن القرآن في المصحف قال ابن القيم: ((من المعلوم بالفطرة المستقرة عند العقلاء قاطبة أن الكلام يكتب في المحالِّ من الرق والخشب وغيرهما، ويسمى محله كتاباً، ويسمى نفس المكتوب كتاباً.

فمن الأول: قوله تعالى: {إنَّهُ لَقُرآنٌ كَريمٌ {77} فيِ كِتَابِ مَكنُونِ} . ومن الثاني: قوله تعالى: {وَلَو نَزَّلنَا عَلَيكَ كِتاباً فيِ قرِطَاسٍ} . وقوله تعالى: {يَتلُواْ صُحُفَاً مُطَهَّرةً {2} فِيهَا كُتُبٌ قَيِمَةٌ} .

والقول بأن الكلام في الصحيفة من العلم العام الذي لم ينازع فيه أحد من العقلاء إذا سلمت الفطرة من الانحراف، وقد قال الله تعالى: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ {21} فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ} (?) وفي حديث ابن عمر: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو (?) ، ومعلوم بالضرورة أنه لا محذور في السفر إلى أرض العدو بالمداد والورق، وإنما المحذور أن يسافر بالكلام الذي تضمنه الورق)) (?) . وسيأتي مزيد لهذا في موضعه.

وقد أطلت النقل عن البخاري - رحمه الله -؛ لأن ذلك مراد فيما ترجم به، فهو كالشرح له، وبذلك وضح مقصده وضوحاً جلياً.

فقوله: ((ذكر الله بالأمر)) أي: أمره الذي يأمر به عباده، وهو صفته، فإذا أمرهم فقد ذكرهم، وكذلك إذا رحمهم وأنعم عليهم، فقد ذكرهم.

((وذكر العباد بالدعاء والتضرع، والرسالة والبلاغ)) أي: ذكرهم الله بأن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015