أبي عتيق، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((بينا أنا أمشي في الجنة، سمعت صوت رجل بالقرآن، فقلت: من هذا؟ قالوا: هذا حارثة بن النعمان، فذلكم البر، فذلكم البر)) ، وكان حارثة من أبر الناس.
ويقال له: أصفة الله - جل ذكره - وعلمه، وكلامه، وأسماؤه، وعزته، وقدرته، بائن من الله - تعالى - أم لا؟
أو قولك وكلامك بائن من الله أم لا؟)) (?) .
يعني: أن كلام الله مثل صفاته الأخرى، من العزة والقدرة، لا يكون شيء منها مفارقاً لله - تعالى - وبائناً منه، بخلاف كلام الخلق وأقوالهم فإنها بائنة من الله، وليست من صفاته، بل صفات لمن قالها، وتكلم بها. ثم قال:
((وقال الله - تعالى -: {وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى {39} وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى} (?) .
وقال عز وجل: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ} (?) ، فالإبلاغ، والإنذار من نوح، وهو نذير مبين، يأمرهم بطاعة الله، وأما الغفران، فإنه من الله؛ لقوله - عز وجل: {يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ} ، ثم قال: {قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَارًا} .
فذكر الدعاء سراً وعلانية من نوح، وذكر فعل نوح بقومه. ثم قال: {مَّا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا {12} وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا} فذكر خلق القوم طوراً بعد طور.
وقال عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا