وقال القرطبي: ((والصحيح أن للنبي – صلى الله عليه وسلم – حوضين: أحدهما في الموقف قبل الصراط، والثاني في الجنة، وكلاهما يسمى كوثراً، والكوثر في كلام العرب: الخير الكثير)) (?) .
قال الحافظ: ((فيه نظر؛ لأن الكوثر نهر داخل الجنة، وماؤه يصب في الحوض، ويطلق على الحوض كوثر؛ لكونه يمد منه)) (?) .
وظاهر الأحاديث مثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((أنا فرطكم على الحوض)) ، وقوله لأنس لما طلب منه أن يشفع له يوم القيامة وقال: ((أنا فاعل)) ، قال: أين أجدك، قال: ((اطلبني أول ما تطلبني على الصراط، قلت: فإن لم ألقك؟ قال: أنا عند الميزان، قلت: فإن لم ألقك؟ قال: أنا عند الحوض)) (?) وغير ذلك، ظاهرها أن الحوض في الموقف، وفي حديث لقيط ما يدل على أنه بعد الصراط فإن فيه: ((فينصرف نبيكم وينصرف على أثره الصالحون، فيسلكون جسراً من النار، يطأ أحدكم الجمرة فيقول: حس، فيقول ربك: أو إنه؟ ألا فيطلعون على حوض الرسول على أظمأ – والله – ناهلة رأيتها أبداً)) (?) .
((قال القرطبي في المفهم، تبعاً للقاضي عياض: مما يجب على كل مكلف أن يعلمه ويصدق به أن الله – سبحانه وتعالى – قد خص نبيه محمداً – صلى الله عليه وسلم – بالحوض المصرح باسمه وصفته، وشرابه في الأحاديث الصحيحة الشهيرة، التي يحصل بمجموعها العلم القطعي)) (?) .
قوله: ((ثم عرج إلى السماء الثانية، فقالت الملائكة له مثل ما قالت في الأولى)) .