قال الحافظ: ((هذا جميعه كما قال ابن عقيل: إخبار عما سيقع له يوم القيامة، وليس كما قال بعضهم: إنه خاطب روحه، فإن ذلك لا يناسب قوله: ((فجمعه الله)) ؛ لأن التحريق والتفريق إنما وقع على الجسد، وهو الذي يجمع، ويعاد عند البعث)) (?) .
وأقول: ليس هناك ما يمنع أن يكون ذلك وقع، بل هذا هو الظاهر من الحديث برواياته المتعددة، وهو الظاهر من صنيع البخاري – رحمه الله -، حيث أورده في أحاديث بني إسرائيل التي وقعت لهم، وأورده في هذا الباب مستشهداً به على أن الله – تعالى – خاطب هذا الرجل، كما في سائر أحاديث الباب، فيكون الله – تعالى – قد أحياه، وخاطبه، ثم مات أخرى، كما حصل لقتيل بني إسرائيل، الذي أمر الله – تعالى – أن يضرب بجزء من البقرة فحيى.
أو تكون حياته بعد جمعه حياة برزخية، يخاطب فيها ويجيب، ويدرك ويعرف، كما خاطب الله – تعالى – والد جابر بعد ما قتل، قال النبي – صلى الله عليه وسلم – لجابر: ((ألا أبشرك عما لقي أبوك؟ إن الله كلم أباك من غير حجاب، فقال له: عبدي، سلني ... )) الحديث (?) ، وعلى كُلِّ فقدرة الله – تعالى – صالحة لما ذكر وغيره، والله أعلم.
قوله: ((فقال: لم فعلت؟ قال: من خشيتك وأنت أعلم، فغفر له)) .
أي: لماذا أمرت أولادك بأن يحرقوك، ويذروك في يوم عاصف، نصفك في البر والنصف الآخر في البحر؟
وهذا يدل على أن من أمر بشيء، ففعل حسب أمره، أنه هو المسؤول