الجزم في الطلب، وكراهة التعليق على المشيئة.
قال العلماء: كراهة ذلك أنه لا يتحقق استعماله المشيئة إلا في حق من يتوجه عليه الإكراه، والله - تعالى - منزه عن ذلك، وهو معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - في آخر الحديث: ((فإنه لا مكره له)) .
وقيل: سبب الكراهة أن في هذا اللفظ صورة الاستغناء عن المطلوب والمطلوب منه)) (?) .
وقال الحافظ: ((النهي لأن التعليق بالمشيئة إنما يحتاج إليه إذا كان المطلوب منه يتأتى إكراهه على الشيء، فيخفف الأمر عليه، ويعلمه بأنه لا يطلب منه الشيء إلا برضاه، والله - تعالى - منزه عن ذلك، فلا فائدة لتعليق. وقيل: لأن فيه صورة الاستغناء عن المطلوب، والمطلوب منه، والأول أولى)) (?) .
قلت: كلا الأمرين دل عليهما النهي، ويدخلان فيه، كما تقدم.
وكلام النووي - رحمه الله - ظاهره أن النهي للكراهة، وليس للتحريم، ومثله كلامه في الأذكار، فإنه قال: ((ويكره أن يقول في الدعاء: اللهم اغفر لي إن شئت، أو إن أردت، بل يجزم بالمسألة)) (?) .
وهذا خلاف ظاهر الحديث، ولا أدري ما دليله على ذلك؟ وقد جاء في رواية في ((الصحيحين)) ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يقولن أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، ليعزم في الدعاء، فإن الله صانع ما شاء)) (?) ، وهذا ظاهر في التحريم، والقاعدة: أن النهي يحمل على التحريم، ما لم يدل دليل على أنه لكراهة التنزيه.