من صعق نفخة الصور، إلا من يشاء الله، فدل على أن مشيئة الله عامة شاملة لكل شيء، فلا يخرج عنها ما يعم الخلق كنفخ الصور، ولا ما يخص بعضهم، ومن أجل ذلك – والله أعلم – جاء قوله في أهل الجنة وأهل النار: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ َ} (?) فما شاء الله كان كما يشاء، وما لم يشأ لم يكن.

واختلف في الذين استثناهم الله – تعالى – من صعقة الصور.

قال ابن جرير: ((قال بعضهم: عنى به جبريل، وميكائيل، وإسرافيل، وملك الموت)) ، ثم روى ذلك عن السدي، وروى فيه حديثاً مرفوعاً بسند فيه يزيد الرقاشي، وهو ضعيف، عن أنس أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قرأ هذه الآية: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ} الآية، فقيل له: من هؤلاء الذين استثنى الله يا رسول الله؟ قال: جبريل وميكائيل وملك الموت)) وذكره بطوله، ثم قال:

((وقال آخرون: عنى بذلك: الشهداء)) ، وروى ذلك عن سعيد بن جبير، واختار أن المستثنى من الفزع الشهداء ومن الصعق: جبريل وملك الموت، وحملة العرش، واستدل لذلك بحديث الصور، وهو ضعيف، وبأن الصعق في هذا الموضع: الموت، والشهداء قد ماتوا، فلا يذوقون الموت مرة أخرى، وذكر أن بعض السلف توقف فيه)) (?) .

وقال ابن كثير: ((قال أبو يعلى: حدثنا يحيى بن معين، حدثنا أبو اليمان، حدثنا إسماعيل بن عياش، عن عمر بن محمد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه عن أبي هريرة، عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: سألت جبريل عن هذه الآية: {وَنُفِخَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015