وفيه دليل على أن لله تعالى حجاباً يحتجب به عن خلقه، والأدلة على ذلك كثيرة، وأهل البدع ينكرون حجاب الله تعالى، فهو عندهم كما يقول الفخر الرازي: ((هو عبارة عن الجسم المتوسط بين جسمين آخرين. وهذا محال على الله)) (?) .
ونقل الحافظ عن ابن بطال، أن الحجاب هو: الآفة المانعة من النظر التي تكون على أبصار المؤمنين، ومعنى رفع الحجاب: إزالة الآفة من أبصار المؤمنين المانعة لهم من الرؤية، فيرونه لارتفاعها عنهم، بخلق ضدها فيهم)) (?) .
ومقتضى هذا الكلام أن الذي يمنع المؤمنين في الدنيا من رؤية الله تعالى هو الآفة التي على أبصارهم، ولو زالت تلك الآفة لرأوه.
فالحجاب عند هؤلاء: هو عدم الإدراك في أبصار الخلق، وما وصف به الله - تعالى - من الحجاب راجع إلى الخلق. وشبهتهم: أن ما ستر بالحجاب، فالحجاب أكبر منه، ويكون متناهياً، ومحاذياً للحجاب، وهذا لا يكون إلا للأجسام.
نقل ابن حجر، عن العلائي قوله: ((المراد بالحاجب، والحجاب: نفي المانع من الرؤية)) ثم قال: ((وقد ورد ذكر الحجاب في عدة أحاديث صحيحة.
والله - سبحانه - منزه عما يحجبه، إذ الحجاب إنما يحيط بمقدر محسوس، ولكن المراد بحجابه: منعه أبصار خلقه، وبصائرهم، بما شاء متى شاء كيف شاء، وإذا شاء كشف ذلك عنهم)) (?) .
وهكذا شراح الحديث وغيرهم - الأشاعرة - ساروا على هذا المنوال.