الثاني: أنه لو فرض أن هناك دليلاً عقلياً ينافي مدلول القرآن لكان خفياً، له مقدمات طويلة، متنازع فيها، ليس فيها واحدة متفق عليها، والواقع أنها شبهات فاسدة، أورثها صدودهم عن كتاب الله.

ومن الضروري أن الذي أخبر أنه بيان للناس، وأن كلامه هدى ورحمة، وشفاء، وبلاغ مبين، إذا أراد بكلامه الموصوف بما ذكر ما يقوله هؤلاء المتكلمون، فإنه بعكس تلك الأوصاف، فيكون فيه الضلال، واللبس؛ لأنه لا يدل على قولهم.

واتفاق المسلمين على وجوب تنزيه كلام الله ورسوله من ذلك أمر ضروري.

الوجه الرابع: أنه سيأتي في حديث ابن عباس، قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((أنت الحق، وقولك الحق، ولقاؤك حق، والجنة حق، والنار حق)) . ففرق بين لقائه، وبين الجنة والنار.

ومعلوم أن الجنة والنار، تتضمن جزاء المطيعين، والعصاة، فعلم أن لقاء الله غير لقاء الثواب، والعقاب.

الوجه الخامس: ما بينه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أحاديث كثيرة أن العباد سوف يلقون ربهم، وقد ذكر البخاري في هذا الباب قليلاً منها، مثل حديث عدي بن حاتم ((ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه، ليس بينه وبينه حاجب يحجبه، ولا ترجمان)) .

الوجه السادس: أنه لو أريد بلقاء الله ما يخلقه من ثواب أو عقاب أو غير ذلك، لكان ذلك واقعاً في الدنيا والآخرة، كما في عقاب الأمم المكذبة، ونصر المؤمنين، وإسعادهم.

وقد علم أتباع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لقاء الله - تعالى - لا يكون إلا بعد الموت.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015