يحتمل أن تكون عائدة على شيء غير صورة آدم، وغير الله، ويحتمل أن تكون عائدة إلى آدم، ويحتمل أن تكون عائدة إلى الله، فهذه طرق ثلاث)) .
ثم ذكر الطريقين الأولين والتأويل فيهما، ولظهور بطلان ما ذكره نعرض عنهما؛ لأننا قد ذكرنا فيما تقدم ما يبين بطلان كون الضمير عائدا إلى غير الله – تعالى -.
ثم قال: (الطريق الثالث أن يكون ذلك الضمير عائداً إلى الله – تعالى – وفيه وجوه:
الأول: المراد من الصورة: الصفة، فيكون المعنى: أن آدم عليه السلام امتاز عن سائر الأشخاص والأجسام بكونه عالماً بالمعقولات، قادراً على استنباط الحرف, والصناعات, وهذه صفات شريفة, مناسبة لصفات الله من بعض الوجوه, فصح قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله خلق آدم على صورته)) بناءً على هذا التأويل.
فإن قيل: المشاركة في صفات كمال تقتضي المشاركة في الإلهية.
قلنا: المشاركة في بعض اللوازم البعيدة مع حصول المخالفة في الأمور الكثيرة لا تقتضي المساواة في الإلهية, ولهذا المعنى قال الله – تعالى - {وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى} (?) , وقال – صلى الله عليه وسلم -: ((تخلقوا بأخلاق الله)) (?) .
الثاني: أنه كما يصح إضافة الصفة إلى الموصوف، فقد يصح إضافتها إلى الخالق، والموجد, فيكون الغرض من هذه الإضافة الدلالة على أن هذه الصورة ممتازة عن سائر الصور, بمزيد الكرامة والجلالة.