التصور والذهن، وما علم الله -تعالى- أنه سيكون، فهو شيء في التقدير، والعلم والكتاب، وإن لم يكن شيئاً في الخارج كما قال الله -تعالى-: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (?) .
فلفظ الشيء في الآية يتناول ما وجد، وما يتصوره الذهن موجوداً، ولا يستثنى من ذلك شيء، لا أفعال العباد، ولا أفعاله -تعالى-، سواء المتعدية، أو اللازمة،
كما قال -تعالى-: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} (?) .
فجمع في الآية بين النوعين من الأفعال، المتعدية واللازمة.
والقدرة تتعلق بكل ما تتعلق به المشيئة، فإن ما شاء الله كان، ولا يكون شيء إلا بقدرته -تعالى-: ولهذا قال -تعالى-: {وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاء قَدِيرٌ} (?) . {وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (?)
والشيء في الأصل، مصدر شاء، يشاء، شيئاً، كنال، ينال، نيلاً، ثم وضعوا المصدر موضع المفعول، فسموا "المشاء" شيئاً، كما سموا المنال: نيلاً، فقالوا: نيل المعدن، كما يسمى المقدور: قدرة، والمخلوق: خلقاً، فقوله تعالى: {عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} أي: على كل ما يشاء، فمنه ما قد شاءه فوجد، ومنه ما لم يشأه {فلم يوجد} وهو شيء في العلم، بمعنى أنه قابل لأن يشاءه.