فأخبر -صلى الله عليه وسلم- أن الظلمات أشرقت لنور وجهه، كما أخبر الله -تعالى- أن الأرض تشرق يوم القيامة بنوره.

الوجه الثاني: ما ذكر في قوله -تعالى-: {مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ} (?) ، وقد اختلف على من يعود الضمير في {نوره} ، فقيل: على محمد -صلى الله عليه وسلم- وقيل: على المؤمن، والصحيح عوده على الله -تعالى-.

والمعنى: مثل نور الله في قلب عبده المؤمن، وأعظم عباده نصيباً من هذا النور رسوله -صلى الله عليه وسلم-.

فهذا النور يضاف إلى الله -تعالى- على أن معطيه لعبده، وواهبه، كما يضاف إلى العبد؛ لأنه محله وقابله" اهـ (?) .

فالله -تعالى- سمى نفسه نوراً، وجعل كتابه نوراً، ورسوله نوراً، ودينه نوراً، واحتجب عن خلقه بالنور، وجعل دار أوليائه في الآخرة نوراً يتلألأ، قال -تعالى-: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (?) ، قال أبي بن كعب: " بدأ الله بنور نفسه، ثم ذكر نور المؤمن" (?) .

وفسر بكونه منور السماوات والأرض، وبأنه هادي أهل السماوات والأرض، وهذا لا يمنع أنه -تعالى- في نفسه نور، فإن من عادة السلف في تفسيرهم أن يذكروا بعض صفات المفسر - بفتح السين - من الأسماء، أو بعض أنواع ذلك المفسر، ولا ينافي ذلك ثبوت بقية الصفات له.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015